![]() |
![]() |
|
![]() |
#1 | |
Senior Member
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 386
|
![]() بسم الله الرحمن الرحيم الجزء الحادي عشر : اقتباس:
أخذت مريم بهذه البشارة .. فرغم التقائها مع طلاقة القدرة .. وتعودها عليها في الرزق من الله بغير حساب .. ورغم أنها قضت فترة طويلة تتعبد وتتطهر .. وحفظها لله من كل الشياطين .. فان نفسها اهتزت من وقع الخبر .. واتجهت إلى السماء وقالت : " رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ .. {47} اتجهت هي الأخرى كما اتجه زكريا إلى الأسباب .. ومع عيشها في ظل طلاقة القدرة في المحراب فإنها لم تستطع أن تستوعب تماماً طلاقة القدرة في الخلق .. فقالت يا ربي كيف ألد ولم يمسسني بشر .. لم يقربين رجل .. فكيف أضع غلاماً .. وهنا جاء رد الله سبحانه وتعالى : " قَالَ كَذَلِكِ اللّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ {47}." لم يقل الله سبحانه وتعالى لها كيف سيتم ذلك .. ذلك أن الخلق مما احتفظ الله به لنفسه .. ولم يطلع عليه أحداً من خلقه .. حتى أن إبراهيم عليه السلام حينما سأل الله : " رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى .. {260}." ( سورة البقرة ) لم يقل الله سبحانه وتعالى كيف يحي الموتى .. ولم يطلعه على سر الحياة والموت وإنما أدخله في تجربة رأى فيها إحياء الموتى بقدرة الله.. فجاء بالطير وقطعه ثم وضع كل جزء على جبل ثم دعاهم فجاءوا إليه أحياء ..كانت هذه تجربة عملية على إحياء الموتى .. ولكنها لم تكن إخباراً من الله سبحانه وتعالى لإبراهيم عن سر الحياة والموت . كذلك مريم .. حين سألت الله سبحانه وتعالى .. كيف سيكون لي ولد ولم يمسسني بشر لم يعطها سر الخلق .. ولكنه قال لها : " كَذَلِكِ اللّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ .. {47}." أي لم تتعجبين إن الله قادر على أن يخلق ما يشاء .. وقد أراك طلاقة القدرة في الرزق .. وسيريك طلاقة القدرة في الاصطفاء .. لم تتعجبين يا مريم .. ألم يخلق الله سبحانه وتعالى آدم بدون ذكر أو أنثى .. ألم يخلق حواء من ذكر بدون أنثى .. فالله سبحانه وتعالى ليس لقدرته حدود .. إنه قادر أن يخلق بدون ذكر أو أنثى كخلق آدم .. وقادر أن يخلق بدون أنثى كخلق حواء .. وقادر أن يخلق من أنثى بدون ذكر كعيسى بن مبريم .. وقادر أن يخلق من ذكر أو أنثى وهو خلق الأسباب .. إذن فلا عجب هنا لأن الله سبحانه وتعالى يخلق ما يشاء وإذا أراد أمراً فأنه لا يلجأ إلى الأسباب .. وإنما بطلاقة قدرته يقول له كن فيكون .. إذن فلا تتعجبين مما بشرتك به الملائكة .. لأن الله قادر على أن يخلق عيسى دون أن يمسك بشر. وللحديث بقية .. اخوكم / الاثرم |
|
![]() |
![]() |
![]() |
#2 | |
Senior Member
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 386
|
![]() بسم الله الرحمن الرحيم الجزء الثاني عشر : اقتباس:
وجاء الملك المكلف بالمهمة إلى مريم .. فظهر لها على هيئة بشر .. وقد يقول بعض الناس ما دامت الملائكة قد بشّرت مريم بالغلام .. وما دام الله سبحانه وتعالى قد لفتها إلى طلاقة القدرة في أنه يقول للشيء كن فيكون .. فلماذا جاء الملك إلى مريم وتمثل لها في صورة إنسان .. نقول أن في ذلك حكمة كبرى أن الملك لم يأت إلى مريم ولم يتمثل لها في صورة إنسان .. ويقول لها أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا .. ثم يختفي فجأة دون أن يمسها لو لم يحدث ذلك لريما دخل الشك إلى قلب مريم .. واعتقدت أن بشراً قد مسها بأن خدرها أو وهي نائمة .. وعلى العموم لم يكن الأمر يدخل يقيناً إلى نفسها .. ولكن كون الملك جاء .. وكونه تمثل لها بشراً سنوياً .. وكونه قال لها إني رسول ربك لأهب لك غلاماً زكيا .. وكونه اختفى دون أن يمسها .. أدخل اليقين في قلب مريم في أن ما حدث لها .. هو من طلاقة قدرة الله وليس لبشر دخل فيه .. ولذلك أراد الله سبحانه وتعالى أن يُثبّت فؤادها مرة أخرى بعد أن اهتزت نفسها .. من تبشير الملائكة لها .. وتعجبت أن تلد بدون أن يمسها ذكر .. وهنا .. ومع هذا التثبيت من الله سبحانه وتعالى لمريم .. لأنها تجربة سيكذبها فيها اليهود .. ولو لم تكن على يقين مما حدث ... وأنه من طلاقة قدرة الله فإن نفسها قد تهتز وتضعف .. ذلك لأنه أمر غير مألوف في تاريخ البشر كلهم .. وأنه يصطدم بأسباب العقل . وأنه لا يتمشى مع المنطق البشري .. ومن هنا كان لا بد من تثبيت مريم تثبيت اليقين .. حتى لا تهتز نفسها أبداً لما سيقابلها أهلها وعشيرتها من إنكار وعدم تصديق لما حدث .. وكان لا بد أن تكون مريم على يقين كامل من أن مشيئة الله سبحانه وتعالى هي التي أعطتها عيسى عليه السلام .. ومن هنا كان التثبيت بالتعرف على طلاقة القدرة .. في أمور مادية محسة كالرزق .. ثم التطهير بالعبادة حتى تشف النفس البشرية .. وتستطيع أن ترى ما لا يراه غيرها .. ثم بالاخبار من الملائكة .. ثم بعد ذلك باليقين من الروح أو الملك الذي أرسله الله له على صورة انسان .. والذي اختفى من أمامها دون أن يمسها .. ومع ذلك قالت مريم : " أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً {20}". ( سورة مريم ) فرد الله : " هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْراً مَّقْضِيّاً {21}." ( سورة مريم ) هنا حسم الله سبحانه وتعالى المسألة مع مريم تماماً في رده عليها هذه المرة فقال إن ذلك على هين وبسيط أن أهبك غلاماً بدون بشر .. وسيكون هذا الغلام آية للناس ، أي معجزة من الله سبحانه وتعالى لخلقه يفيقهم من الماديات التي عبدوها من دون الله .. ورحمة منا .. أي أنه سيكون رحمة لمن يتبعه .. يقودهم إلى الطريق .. ويرشدهم إلى المنهج .. ويكون قدوة لهم .. وينقذهم من ضلال بني إسرائيل وماديتهم ... " وَكَانَ أَمْراً مَّقْضِيّاً {21} " سورة مريم. هنا الحسم .. أي أن الله سبحانه وتعالى أراد أن يقول لمريم أن هذا الأمر قد قضى وانتهى .. ولم يعد لك خيار فيه .. وأنه بعد هذا الاعداد كله فلا بد أن يدخل اليقين قلبك على أن الله سبحانه وتعالى يقول للشيء كن فيكون فيما يريد أن يفعله .. ولقد قضى الأمر وانتهى .. ولم يعد موضع أخذ ورد .. وحملت مريم بطلاقة القدر .. وذهبت إلى مكان بعيد عن الناس .. فقد كانت تخشى أن تواجههم .. فهي تعلم يقينا أن هذا آية من آيات الله .. ولكن ماذا ستقول لهم .. وكيف تشرح لهم طلاقة القدرة .. وهم لا يعرفون عنها شيئاً .. إن بني إسرائيل أناس ماديون والمادة تبعد الشفافية عن الجسم وتجعله معتما .. لا يرى إلا ما هو مادي صرف .. معزول تماماً عن الغيبيات فكيف ستأتي إلى هؤلاء القوم .. لتقول لهم كلاماً عن طلاقة قدرة الله .. وكيف سيصدقونه وهم على غير علم. وكان هذا يخيف مريم .... وللحديث بقية ... اخوكم / الاثرم |
|
![]() |
![]() |
![]() |
#3 | |
Senior Member
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 386
|
![]()
بسم الله
الرحمن الرحيم الجزء الثالث عشر : اقتباس:
كان هذا هو الذي يخيف مريم عليها السلام .. وهو الذي جعلها تبتعد عن الناس إلى مكان قصي بعيد تضع فيه طفلها .. لأنها لم تكن تستطيع أن تواجه وحدها قوما لا يعلمون شيئاً عن طلاقة القدرة .. بمعجزة من معجزات طلاقة القدرة .. مريم نفسها كانت على يقين مما حدث .. وبعد الآيات البينات التي أراها لها الله سبحانه وتعالى .. وتبشير الملائكة لها .. ثم الملك الذي ظهر ليجعلها تتأكد يقيناً أنه لم يمسسها بشر .. ثم قول الله سبحانه وتعالى: " وَكَانَ أَمْراً مَّقْضِيّاً {21} " .. كل ذلك قد جعل مريم لا تهتز ولا تظن بنفسها السوء .. بل هي على يقين من المعجزة .. ولكن ماذا تقول للناس .. وكيف تفسر لهم ما حدث.. وكيف تجعلهم يصدقون ؟ ولكن الله سبحانه وتعالى لم يكن غافلا عن هذا .. كان يعلم هذا كله .. وهو العليم بخلقه .. وكان يعرف أن مريم إذا واجهت بني إسرائيل وقالت لهم أنه طلاقة قدرة الله فلن يصدقوها .. ولن يستمعوا إليها .. وسيفترون عليها مختلف الافتراءات .. حينئذ جاء الحل من السماء .. قال لها الله سبحانه وتعالى أنت لن تتكلمي يا مريم ولا أريد لك أن تتكلمي .. ذلك أنك مهما قلت فإن كلامك قد يؤخذ وينسج على افتراءات ضدك .. ولكن الذي سيتكلم هو هذا الطفل الرضيع الذي يبلغ من العمر ساعات فقد .. سأجعله ينطق أمامهم لأريهم طلاقة القدرة .. فإذا ما رأوا آمنوا .. لا يوجد طفل في العالم يتكلم بعد ولادته بساعات .. ولا يستطيع لفترة قد تزيد إلى العام .. ولكني سأجعل عيسى بن مريم يتكلم بعد ولادته بساعات .. لماذا .. لمجرد الإعجاز .. لا .. فالله سبحانه وتعالى أعلى وأكبر من أن يريد شهادة من خلقه على إعجاز ... أو أن يريد شهادة من خلقه على أي شيء .. ولكن حتى إذا كذبوا بطلاقة القدرة التي فعلت كل هذا وجاءت بعيسى بن مريم .. أريهم طلاقة القدرة على الطفل الصغير علها تفيقهم من غيهم وتجعلهم يحسون أنه من الجرم والاثم الكبير الافتراء على مريم. من هنا فإن عيسى بن مريم تكلم ساعة ولادته .. بل انظر إلى دقة تعبير القرآن الكريم .. " فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً {24} " ( سورة مريم ). أي أن عيسى بن مريم عليه السلام تكلم لحظة ولادته وعمره دقائق فقط .. وقبل أن تمتد يد أمه لتلتقطه من تحتها .. لا تحزني فقد جعل الله تحتك نوراً منه يهدي إلى الحق .. وكان قول عيسى عليه السلام رداً على مريم التي كانت تفكر .. كيف ستلاقي قومها به .. وماذا ستقول لهم .. وكان الموقف بالنسبة لها عصيباً .. حتى أنها قالت : " يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْياً مَّنسِيّاً {23} " ( سورة مريم ). وهي في لحظة تمنيها الموت لأنها تعرف ما ستقابله من بني إسرائيل .. وكيف سيقابلونها بالنكران والافتراءات .. والموقف العصيب الذي ستمر به .. وهي في قمة هذا .. تكلم عيسى بن مريم وقال لأمه : " أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً {24} " ( سورة مريم ). ثم نبهها الطفل الذي ولد منذ دقائق فقط أنها في حاجة إلى الطعام والشراب .. لتقوي وتشتد وتستطيع أن تواجه ما هو قادم .. فقال لها : " وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً {25} فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً ... {26} ( سورة مريم ) . انكم تحتفلون بيوم الميلاد بتقليد تزينون فيه شجرة الصنوبر وتعلقون عليها الأنوار والهدايا والزينات والألوان المختلفة .. الخ . لماذا الشجرة .. مع ان المسيح ولد في مذود للحيوانات .. ألا يدل هذا على أن المسيح ولد تحت شجرة كما ذكر القرآن الكريم .. ثم جاءت الآية الكبرى من الله سبحانه وتعالى : " فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيّاً {26} ( سورة مريم ) . هكذا قال عيسى بن مريم لأمه مؤيداً بروح القدس .. ومؤيداً بنور من الله سبحانه وتعالى .. قال لها أن أحداً لا يطلب منك أن تتكلمي فمهما قلت في هذه الحالة فلن يفيد .. ولن يقنع أحداً .. ذلك أنهم معزولون عن طلاقة القدرة .. وقد جئت لهم لأخرجهم بطلاقة القدرة من المادة التي يعبدونها .. فمهما قلت يا مريم فقولك لن يقنع أحداً .. وفي مثل هذه الحالة قول الأم لا يفيد .. فاصمتي أنت تماما .. وقولي : " إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً ... {26} ( سورة مريم ). أي قررت أن أصوم لله تعالى .. فكان الصوم عن الكلام .. قولي لهم إنني لن أكلم إنساناً اليوم لنني صائمة عن الكلام .. ولكن الذي سيكلمكم .. ويناقشكم .. ويرد على حججكم .. هو هذا الطفل الصغير الذي عمره ساعات .. انه هو الذي سيرد ليكون دليلاُ مادياً ملموساً أمامكم على طلاقة قدرة الله التي جاءت به .. وما دمتم لا تعبدون إلا المادة ولا تثقون إلا في الماديات .. فقد اختار الله سبحانه وتعالى لكم معجزة من جنس ما تثقون فيه .. ليرد كيدكم .. ويكون آية من الله لكم لا تستطيعون إنكارها .. ولا تقدرون على إخفائها .. عند هذه النقطة اطمأن قلب مريم .. وعرفت أن الله سبحانه وتعالى الذي اصطفاها على نساء العالمين لن يتركها .. وأنه سيرسل معها من يدل على صدقها وطهرها .. وأن هذا الطفل الصغير الضعيف سيكون الدليل على قدرة وعظمة الله سبحانه وتعالى وعلى صدق مريم . وللحديث بقية ... اخوكم / الاثرم |
|
![]() |
![]() |
![]() |
#4 | |
Senior Member
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 386
|
![]() بسم الله الرحمن الرحيم الجزء الرابع عشر : اقتباس:
وحين اطمأنت مريم إلى أن الله سبحانه وتعالى سيرسل معها الدليل المادي الذي لا يحمل الشك على صدقها .. اطمأن قلبها .. وحملت ابنها وذهبت إلى قومها .. ويقول القرآن الكريم : " فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً {27} يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً {28} ( سورة مريم ) . وهكذا نجد أن المواجهة التي توقعتها مريم قد حدثت .. وأن بني إسرائيل قد واجهوا مريم بالسوء قبل أن يسمعوا منها كلمة واحدة .. وهم كقوم ماديين عبدوا الأسباب .. لم ينتظروا حتى تتكلم مريم لتروي لهم ما حدث وهو المنطق الطبيعي في هذه الأشياء .. فقد كان من الممكن أن يسألوها عن هذا الطفل .. ربما ليس طفلها .. ربما وجدته في مكان يواجه خطراً فجاءت به .. وربما ماتت أمه وهي تلده فحملته مريم إلى قومها .. ولكن كل هذه الافتراضات التي تحتم الأخذ بحسن النية أولا لم ترد على خاطر بني إسرائيل .. بل افترضوا السوء من أول وهلة وأخذوا يعيرونها وأنها ارتكبت إثماً كبيراً ويذكرونها بطيب أصلها وصلاح أبويها وأخيها هارون .. وكيف أن هذا السلاح والتقوى كان يجب أن ينتقل إليها .. وأن تكون هي قدوة سلوكية حسنة .. واتهموا قبل أن يسألوا وقبل أن يعرفوا الحقيقة .. وفي هذا يبن لنا القرآن الكريم سوء أخلاقيات بني اسرائيل وإسراعهم إلى الظن بالسوء والافتراء في الاتهام .. وكيف أنهم وقد عصوا الله وقتلوا أنبيائهم .. إنما ذلك عن خلق سيء لا يعرف للعمل الطيب مكاناً . حينئذ ماذا فعلت مريم أشارت إلى عيسى عليه السلام وهي تحمله فبهت القوم لأنهم لم يتوقعوا منها ذلك .. كانوا يتوقعون أن تتحدث هي معهم .. أو أن تقول لهم شيئاً يبرئها .. أو تحاول تبرير ما حدث .. ذلك كان ظنهم ولكنهم فوجئوا بها وهي تشير إلى الطفل الصغير .. ولم يفهموا لأن طلاقة القدرة غابت عنهم وهم لا يتعاملون إلا بالأسباب .. فأبدوا عجبهم مما فعلته مريم فقالوا : " كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً {29} أي يا مريم أنت تستخفين بعقولنا فهذا طفل صغير عمره ساعات .. أو يوم أو بعض يوم .. فكيف تطلبين منا أن نتحدث معه .. وهل ينطق مثل هذا الطفل .. إن الأسباب كلها تقول لا .. أنه عاجز عن النطق . ولكن الله سبحانه وتعالى أنطق عيسى بن مريم .. أنطقه وهو طفل صغير .. أنطقه ليثبت لهم طلاقة القدرة .. وأن الله سبحانه وتعالى الذي لا يجعل طفلاً ينطق إلا بعد عام أو أكثر من عام من عمره .. يستطيع أن يجعل طفلاً عمره يوم أو أكثر بعض يوم أن يتحدث .. ولا يجعله يتحدث حديث الأطفال .. بل يجعله يتحدث حديث الرجال راجحي العقل والمنطق .. وأن يناقش ويرد بالحجة عليهم .. وأن يكلمهم وكأنه قد بلغ مبلغ الرجولة .. وعقل كل شيء. وللحديث بقية .. اخوكم / الاثرم -------------------------------------- بسم الله الرحمن الرحيم الجزء الخامس عشر : اقتباس: لنرى الحقيقة في الكتاب المقدس هل هي فعلا عذارء أم والعياذ بالله ........... وبعدها سنرى القرآن الكريم كيف يقص علينا قصة العذراء .. ونقارن بينهما .. بالعقل .. تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً المعجزة .. والحكمة لماذا وقعت هذه المعجزة .. ولماذا أتمها الله سبحانه وتعالى .. ليجعل هؤلاء القوم الماديين يوقنون بما حدث لمريم .. فلو أنها رزقت طفلا عن طريق عادي كما تلد النساء لما استطاع هذا الطفل أن يتكلم أن ينطق حرفاً واحدا .. وحتى ولو كانوا قد انتظروا عليه حتى يكبر .. ليتعلم النطق لكان حديثه حديث الأطفال .. فيه سذاجتهم وافتقارهم على المنطق والحجة والفهم .. ولكن كون عيسى بن مريم نطق بعد ولادته بيوم أو بعض يوم فإن ذلك معناه يقيناً أن ذلك الطفل لم يأت بالطريق العادي وهو الذكر والانثى .. ولكن معجزة كلامه تدل على طلاقة القدرة في مولده .. وأن مريم لم يمسسها بشر .. وإنما عيسى بن مريم جاء بكلمة " كن فيكون " .. وإلا إذا كانت مريم قد مسها أي بشر لجاءت بطفل عادي مما تلد النساء .. كان يجب على بني إسرائيل أن يفيقوا ساعة نطق عيسى بن مريم .. وأن يعلموا أنهم أمام معجزة خارقة لله سبحانه وتعالى . وأن يؤمنوا بكل ما تقوله مريم .. ويؤمنا بعيسى رسولاً ونبياً .. ماذا قال عيسى بن مريم .. كان أول ما قاله : " قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً {30} ( سورة مريم ) أي أن أول ما بشر به هو رسالته .. قال إني عبد الله حتى لا يفتن الناس بمولده .. فيحملوا الأشياء أكثر مما تحتمل .. فحسم الموقف بأنه عبد من عباد الله وبشر ورسول .. ثم بعد ذلك قال : " آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً {30} أي جعل لي كتاباً سأبلغه إليكم .. ورسالة من السماء لكم .. وهكذا كانت أولى معجزات عيسى عليه السلام في أولى كلمات نطقها .. على عكس الكتاب المقدس .. وكما يقول لنا إنجيل يوحنا الإصحاح الثاني من فقرة 1 إلى 11 ) : https://secure.ushaaqallah.com/forum...r=asc&start=15 اقتباس: قال لهم يسوع : املأوا الأجران ((( ماء ))) فملأوها إلى فوق ، ثم قال لهم : استقوا الآن وقدموا إلى رئيس المتكأ. فقدموا . فلما ذاق رئيس المتكأ ((( الماء المتحول خمراً ))) ولم يكن يعلم من أين هي. لكن الخدام كانوا قد استقوا الماء علموا دعا رئيس المتكأ العريس وقال له : كل إنسان إنما يضع الخمر الجيدة أولاً ، ومتى سكروا فحينئذ الدون. أما أنت فقد أبقيت الخمر الجدية إلى الآن . {{{{{ هذه بداية الآيات }}}}} فعلها يسوع في قانا الجليل <<<<<<<<< وأظهر مجده فآمن به تلاميذه " >>>>>>>>>> نعود لنكمل القصة .. فقد أبلغهم بالمستقبل وهو ما زال في المهد صبياً .. فقال لهم إني قد جئتكم بكتاب من الله سبحانه وتعالى .. لأهديكم إلى صراطه المستقيم . والله جعلني لكم نبياً .. وفوق ذلك آتاني الحكمة .. وأنتم ترون هذه الحكمة .. وأنا أتحدث إليكم .. فليس حديثي هذا حديث طفل رضيع .. ولكنه حديث رجل أوتي الحكمة يستطيع أن يجادلكم فيما تقولون .. وكان هذه معجزة ثانية بطلاقة القدرة .. انباء بغيب قادم ونبوة ورسالة .. وما زال عيسى بن مريم في المهد صبياً .. وانباء بأنه وهو طفل رضيع لم يعط نعمة الكلام فقط من الله سبحانه وتعالى بل أعطي نعمة الحكمة أيضاً . " وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً {31} ( سورة مريم ). وللحديث بقية ... |
|
![]() |
![]() |
![]() |
#5 |
Senior Member
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 386
|
![]() بسم الله الرحمن الرحيم الجزء السادس عشر : اقتباس: لنرى الحقيقة في الكتاب المقدس هل هي فعلا عذارء أم والعياذ بالله ........... وبعدها سنرى القرآن الكريم كيف يقص علينا قصة العذراء .. ونقارن بينهما .. بالعقل .. تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً ومضى عيسى بن مريم في كلامه ليقول أن الله سبحانه وتعالى قد أحاطني ببركته أينما أكن .. فما من مكان أذهب إليه .. إلا حلت فيه البركة .. وملأه الرزق .. كما أوصاني الله سبحانه وتعالى أن أعبده حق عبادته ما دمت حيا .. والعبادة واجبة على الإنسان في فترة الحياة التي تتصل فيه الروح بالمادة .. تلك الفترة هي التي يكون فيها الإنسان مختاراً أن يفعل أولاً يفعل .. أن يعبد الله أو أن يعصيه .ز فقبل الحياة .ز وبعد الموت لا يكون هناك اختار .. بل هو قهر .. والله سبحانه وتعالى قال في قرآنه الكريم : " لِيُنذِرَ مَن كَانَ حَيّاً {70} " ( سورة يس ) أي إن القرآن الكريم للأحياء وليس للأموات .. ولا يستطيع واحد عصى الله في حياته الدنيوية أن يقول بعد أن يموت .. أنني سأعبد الله حق عبادته بعد الموت ليكفر عني ما فعلته وارتكبته من معاص .. فبعد الموت ينقطع عمل ابن آدم .. ويعرف جزاءه أو مصيره .. بل أنه في ساعة ( الغرغرة ) .. وهي ساعة خروج الروح من الجسد .. تعرض أعمال ابن آدم عليه .. فإن كانت طيبة انفرج وجهه وظهر السرور عليه .. وعندما تنظر إليه بعد الموت .. تقول إن نهايته أو خاتمته كانت طيبة .. وان كان عمله سيئاً .. انقبضت أساريره واكفهر وجهه .. وحاول أن ينطق بالشهادتين فخانه لسانه .. وفي هذه اللحظة يعرف أن مصيره هو النار .. والذي يصل إلى حالة الغرغرة يعرف يقيناً أنه ميت .. ويبدأ أولى دقائق حياته في العالم الآخر .. وهكذا جاء قول عيسى بن مريم مؤكداً أنه كنبي لم يعف من التكليف .. فقد طلب منه الله سبحانه وتعالى وأوصاه بأن يعبده حق عبادته ما دام حيا .. ويمضي عيسى بن مريم عليه السلام .. ليكمل ما أوصاه الله به فيقول : " وَبَرّاً بِوَالِدَتِي ... {32} " ( سورة مريم ). ولم يقل برا بوالدي .. وهذه تأتي لتؤكد لبني إسرائيل مرة آخرى معجزة الله في مريم .. فلو أن عيسى جاء من ذكر وأنثى .. لقال وبرا بوالدي .. ولكنه قال وبرا بوالدتي ليكون شاهد صدق على طريقة خلقه . وأنه لم يأت من ذكر وأنثى .. بل أتى بطلاقة القدرة من مريم دون أن يمسسها رجل . وللحديث بقية ... اخوكم / الاثرم |
![]() |
![]() |
![]() |
#6 | |
Senior Member
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 386
|
![]()
بسم الله الرحمن الرحيم
الجزء السابع عشر : اقتباس:
وهنا يجب أن يكون لنا وقفة .. لقد أتت مريم قومها وهي تحمل عيسى عليه السلام .. ونطق عيسى وهو في المهد . وكانت هذه معجزة كافية لتقنع بني اسرائيل بأن ما حدث ليس شيئاً عادياً .. ولا نطبق عليه أسباب الدنيا التي يعرفها الناس .. ولكن الله سبحانه وتعالى يعرف عناد بني إسرائيل .. ومكابرتهم في الحق .. وإمعانهم في الباطل .. ولذلك فقد أراد أن يأتي بأكثر من آية .. تأكيداً لصدق مريم عليها السلام في كل ما تقول .. ولم يجعل الطفل ينطق فقط .. ولكنه جعله يؤكد لهؤلاء القوم بأنه جاء من امرأة دون أن يمسسها رجل .. ويؤكد لهم هذا بكلامه هو .. وهو رسول ونبي .. مؤيداً من الله بمعجزة منذ لحظة ولادته .. ومبلغاً عن الله سبحانه وتعالى برسالة ومنهج .. ومن هنا .. فإنه صادق أمين فيما يقوله .. فإذا قال وبراً بوالدتي ولم يقل وبراً بوالدي .. فإن ذلك معناه صدق معجزة مريم .. وهكذا يسوق الله سبحانه وتعالى الدليل تلو الدليل لبني إسرائيل على طلاقة القدرة .. وصدق رسالة عيسى عليه السلام .. ورغم ذلك فقد كابروا ولم يؤمنوا .. ويمضي عيسى عليه السلام ليقول : " وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً {32} " ( سورة مريم ). أي أنني لم آت إليكم كجبار يفسد في الأرض ويقهر الناس ويجبرهم على الأشياء .. وينشر الرعب وسفك الدماء .. بل جئتكم رحمة من الله سبحانه وتعالى .. رحمة منه لاعيدكم إلى المنهج الذي تركتموه واتخذتموه ورائكم ظهرياُ .. أي وضعتموه وراء ظهوركم حتى لا تلتفتوا إليه ولا ترجعوا إليه أبداً وجئتكم كرحمة لأحل لكم بعض الذي حرم عليكم .. وفي هذا رحمة من الله وفضل .. إنه يرفع العنت عنكم .. ويزيل عنكم بعض المشاق التي فرضت عليكم بعصيانكم للمنهج ولأوامر الله .. أنا قد جئت لأرفع عنكم كل هذا برحمة من الله سبحانه وتعالى .. فكأنني رحمة في أن أعيدكم إلى المنهج .. لتعودا إلى طريق الله السوي .. وأجنبكم عذابه وغضبه .. وجئت إليكم لأيسر لكم حياتكم فأحل لكم بعض ما حرم عليكم .. وجئتكم برحمة أخرى .. هي أنني أخرجكم من الماديات التي غرقتم فيها .. وألفتكم إلى الغيب وإلى الله سبحانه وتعالى .. علكم ترعون الله وتهتدون .. وتعرفون أنه بجانب ماديات الدنيا .. فهناك الغيب والروح .. وهناك غير المادة التي تعبدونها وتتخذونها إلها .. وهناك الله سبحانه وتعالى الذي هو بطلاقة قدرته يستطيع أن يحقق لكم كل ما تريدون .. فلا تتخذوا منهج الله وراء ظهوركم وتنبذوه .. وتعبدوا ماد الدنيا وحدها . لم يجعلني الله جباراً .. ولكنه سبحانه وتعالى جعلني رحمة .. ولم يجعلني شقياً محكوماً عليه بالشقاء والعذاب .. بل جعلني مرضياً عنه منه .. أي أن الله قد رضي عني في الدنيا والآخرة .. ولم يجعلني من زمرة الأشقياء الذين يشقون بغضب الله في الحياة الدينا وعذابه في الآخرة . وللحديث بقية ... اخوكم / الاثرم |
|
![]() |
![]() |
![]() ![]() |
|
|
![]() |
![]() |