العودة   منتدى زين فور يو > ღ◐ منتديات زين فور يو العامة ◑ღ > منتدى خاص بالاثرم
 
 
إنشاء موضوع جديد إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12-15-2022, 09:07 PM   #1
AL-ATHRAM
Senior Member
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 386
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم


نأتي بعد ذلك إلى إعجاز آخر في القرآن .. انك إذا قرأت أي كلام منثور .. ثم جاء الكاتب فاستشهد ببيت من الشعر .. تشعر ساعة ينتقل الكاتب أو المتكلم من النثر إلى اشعر .. أنك انتقلت من طبيعة كلام إلى كلام آخر .. ثم تترك بيت الشعر وتعود إلى النثر فتعرف أيضاً أنك انتقلت من كلام إلى كلام آخر ... نأتي إلى رسالة ابن زيدون التي تعتبر القمة في ذلك الوقت .. ومع اليوم عد .. ولكل أجل كتاب له .. الحمد لله على احتماله .. ولا تحسب عليه في افتعاله ..

فان يك فعله الذي ساء واحداً ....... فأفعاله الائي سررن ألوف ...


وهنا نلتفت فنجد أننا انتقلنا من النثر إلى الشعر في كلام في غاية الانسجام .. ولكننا نعرف الفرق ..

ناتي إلى القرآن الكريم ... كلام الله .. نقرأ فيه :

" إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (45) ادْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ آمِنِينَ (46) وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ (47) لاَ يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُم مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ (48) نَبِّىءْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) وَ أَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ (50) وَنَبِّئْهُمْ عَن ضَيْفِ إِبْراَهِيمَ (51) إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ فَقَالُواْ سَلامًا قَالَ إِنَّا مِنكُمْ وَجِلُونَ (52). سورة الحجر .


أنت قرأت هذا النص القرآني ولم تشعر أنك قد انتقلت من النثر إلى الشعر إلى النثر مرة أخرى دون أن تدري .. أي أنك انتقلت من شيء منثور إلى شيء منظوم .. ثم من شيء منطوم إلى شيء منثور .. وأتحدى أن يأتي بها انسان عندما نتظر إلى الكلام الذي قيل " نَبِّىءْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) وَ أَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ (50)." ما جنى بارقات مستفعل فاعلات .. بيت من الشعر .. ومع ذلك ما أحست أذني أنني انتقلت من النثر إلى الشعر .. وأنني انتقلت بعده من كلام منظوم إلى كلام منثور ..


ومثال ذلك تجده في كثير من آيات القرآن الكريم .. امرأة العزيز عندما جمعت النسوة :

" وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ ,, فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا هَـذَا بَشَرًا إِنْ هَـذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ ,, قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسَتَعْصَمَ .. وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ ,, " سورة يوسف


قول الله سبحانه وتعالى " فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ " مستفعل فاعل .. مستفعل فاعل .. هل شعرت أنك انتقلت من كلام منثور .. وكذلك قول الله سبحانه وتعالى : " فمن شاء فليؤمن .. ومن شاء فليكفر " مفاعيل ... مفاعيل ... مفاعيل .... " والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم " ..


في كل هذه الآيات لم تشعر أنك انتقلت من شعر إلى نثر .. لأنه توجد هناك فجوة كلامية .. والقرآن نظم فريد ... لا تستطيع أن تقول انه نثر ولا شعر ولا سجع ... وانما هو كلام فريد يتناسب مع قول القائل سبحانه وتعالى ...


إذن فبلاغة القرآن في مطابقته للحال .. حال جميع المخاطبين .. وبلاغته في الانتقال من الشعر إلى النثر ومن النثر إلى الشعر دون أن تحس .. وبلاغته في تحريك النفس البشرية .. كل نفس بشرية .. وبلاغته في أن الله تحدى أساطين البلاغة بل تحدى الإنس والجن في أن يأتوا بصورة من مثله .. فعجزا وأمام هذا العجز لم يستطيعوا المواجهة التي يريدون أن يقوموا بها ضد الدين الجديد .. لم يستطيعوا أن يحولوا هذه المواجهة إلى ذات المعجزة وهي القرآن الكريم .. لأن التحدي كان أقوى منهم جميعاً .. فإا بهم يصبون ذلك إلى من جاءت على يديه المعجزة وهو محمد صلى الله عليه وسلم .. قالوا

" لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ (31) . " سورة الزخرف

وهنا مربط الفرس _ الحقد والغيرة لم يستطيعا أن يواجها القرآن .. فقالوا لماذا اختار الله محمد لينزل عليه القرآن ... كأنما آفة القرآن أنه نزل على محمد عليه السلام .. وليست آفته أنه صراع بين حق ينادي به القرآن .. وباطل هم مقيمون عليه ..

والذي يقيم على الباطل يريد للباطل أن يستمر ... لأن الباطل هو الذي يعطيه القوة والقدرة والسيادة .. وهو يريد لهذا الباطل أن يبقى لتبقى له السيادة ... فيأتي الحق ... ويغلبه .. ويحس أن ملكه سيزول فيقول :


" للَّهُمَّ إِن كَانَ هَـذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاء (32) ." سورة الأنفال .


اذن فهو يريد العزة مع الباطل .. أما إذا كان زوال الملك سيأتي مع الحق فهو لا يريده .. ويطالب الله .. أو يطلب من الله أن يمطر عليه حجارة من السماء .. اذن فهو يكره الحق لذاته .. لأنه سيسلبه سلطانه وقوته .. ويريد ذلك للباطل أن يستمر .. ليبقى سيداً .. ولو بغير الحق .. ثم يقول الكفار بعد ذلك :

" ِن نَّتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا .. (57 ) ". سورة القصص .

إذن المانع من الإيمان ليس أنه غير الحق .. لكن المانع له أنه سيزيل عنكم السيادة التي أعطاها لكم الباطل .. وسيتجرأ عليكم الناس وتتخطفون من أرضكم .. وكان هذا هو العناد .. بعد أن فشلوا في تحدي معجزة القرآن اللغوية .. والرد عليها ..


وللحديث بقية ..

اخوكم / الاثرم

AL-ATHRAM غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-21-2023, 10:01 PM   #2
AL-ATHRAM
Senior Member
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 386
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم


معنى الحروف في القرآن ...

ولكنهم في تحديهم ووقوفهم موقف المعارضة .. أثبتوا أنهم في داخل نفوسهم يعتقدون أن القرآن هو الحق .. لأنهم لم يستطيعوا أن يتحدوا إعجازه .. الإعجاز أولا في النبي المختار للدعوة .. والإعجاز ثانياً في استخدام نفس الحروف والألفاظ التي يستخدمها البشر ... ولنتحدث عن هذين النقطتين بشيء من التفصيل ..

الإعجاز الأول أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقرأ .. ولم يكتب طول حياته .. ولم يتعلم القراءة والكتابة .. ولم يدرس الأدب ولا الشعر .. ولا النثر .. ولا علم الكلام .. إلى غير ذلك .. ومع هذا فقد جاء بكلام غاية في الإعجاز ... كلام لا يستطيع أولئك الذين درسوا البلاغة .. وبرعوا فيها أن يأتوا به .. أو يأتوا بصورة من مثله ..

بل الإعجاز يتجلى أكثر في أن الله سبحانه وتعالى أثبت في القرآن أن هذا الكلام ليس كلام محمد عليه الصلاة والسلام .. بل هو كلام لا يمكن أن يأتي به أمي .. فالإنسان الأمي قد ينطق الكلمات .. وقد ينظم الشعر والنثر والسجع .. ولكنه لا يستطيع أبداً أن يأتي بالحروف التي تتكون منها الكلمات ..

فإذا أنت ذهبت إلى إنسان لم يعرف في حياته القراءة والكتابة .. وسألته ما هذا .. يقول لك هذا كوب مثلاً .. فإذا قلت له ما هي الحروف التي تتكون منها كلمة كوب لم يعرف لأنه لم يتعلم القراءة والكتابة ..


وإذا بالله سبحانه وتعالى يأتي بالحروف التي لا يعرف مسمياتها رجل أمي .. ويجعل النبي ينطق بها ويجعلها في القرآن فيقول :

" ألف .. لام .. ميم .. كاف .. هاء .. _ يا _ عين _ صاد "

إمعاناً في الإعجاز والتحدي .. محمد نبي أمي لا يمكن أن يعرف أسماء هذه الحروف أبداً .. ولكنه جاء بأسماء هذه الحروف .. أثباتاً بأن هذا ليس كلام محمد عليه الصلاة والسلام .. لأنه لو كان كلام محمد وهو رجل لم يقرأ ولم يكتب في حياته .. لكان من المستحيل أن يعرف أسماء الحروف التي لا يعرفها ولا يستطيع أن ينطق بها إلا من تعلم القراءة والكتابة ..


وللحديث بقية ..

اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-07-2023, 10:35 PM   #3
AL-ATHRAM
Senior Member
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 386
افتراضي

مهارة الصانع ..

نأتي بعد ذلك إلى النقطة الثانية وهي استخدام نفس الحروف والألفاظ التي يستخدمها البشر في أسلوب ومعان يعجز عنها البشر .. وهذا إعجاز وتحد .. لأنك تريد أن تدلل على مهارة الصانع في أي شيء .. فأنت لا تأتي بمادة مختلفة .. ثم تقارن بين صانع وأخر ..

أنت إذا أردت مثلاً أن تعرف من هو أمهر الناس في صناعة النسيج .. لا تأتي بخامة من حرير .. وخامة من قطن .. وخامة من خيش .. ثم تعطيها لثلاثة صناع .. وتقارن بين إنتاجهم .. لأنك في هذه الحالة لا تستطيع أبداً أن تقول أن هذه أحسن من هذه .. لأن نسيج الحرير لا بد أن يكون أحسن .. نظراً لأن الخامة التي صنع منها الثوب هي أفضل الخامات ..

ولكن المهارة تكون في استخدام مادة واحدة .. نعطي الكل قطناً أو حريراً أو صوفاً .. ولذلك تكون العناصر المكونة للشيء واحدة .. أو متساوية .. فلا يكون لها دخل في الجودة .. وتكون الجودة أو المهارة للصانع نفسه ..

فأراد الله سبحانه وتعالى .. أن يثبت أولا أن القرآن لم يتميز ببلاغة إلا لأن قائله هو الله سبحانه وتعالى .. مادته ليست من جنس أعلى من مادة البشر .. بل هي من جنس كلام البشر .. الحروف هي الحروف .. والكلمات التي تنطقون بها هي نفس الكلمات المستخدمة ... وجاء بكلمات الحروف كأسماء يستطيع أن ينطق بها الجاهل والمتعلم .. ومسميات يستطيع أن ينطق بها المتعلم وحده .. ثم بعد ذلك قدم المعجزة وتحدى .. الحروف نفس الحروف .. والكلمات نفس الكلمات .. ولكن الذي أفحمهم هو الله سبحانه وتعالى .. فلم يستطيعوا ان يأتوا بمثله .. وهذا دليل على أن الصانع هو المختلف .. ومن هنا كان التحدي عظيماً .. لأن الفارق هو بين قدرة الله سبحانه وتعالى .. وبين قدرة البشر ..

وعندنا في البلاغة عندما نقول أن هذا الشيء بليغ .. ونقول أن العرف قد اشتهروا بالبلاغة والفصاحة .. يعني أن البلاغة هي وضع الكلام مناسباً للمقام الذي يقال فيه .. ومستوفياً لأركان سلامته .. وأركان الكلام هي ألا يكون بين الحروف تنافر .. مثل أن تكون الكلمة هيع .. هيع .. وانما تكون الكلمات منسجمة .. ولا تأتي مخالفة لقانون اللغة .. ولا تكون غريبة على الأذن .. عندما تستوفي الكلمة هذه الشروط .. توضع في جملة يشترط أن تكون منسجمة مع الكلمة الأخرى .. خاضعة لقواعد اللغة .. وليس فيها تعقيد ..

إذن عندما جاءوا ليعرفوا البلاغة قالوا هي مطابقة الكلام لمقتضى الحال مع فصاحته .. تراكيب منسجمة ومخاطبة للبشر .. مطابقة لمقتضى عقلهم .. ومن هنا فكانت بلاغة البشر على قدر علمهم بمقتضى حال المخاطب .. ومعنى ذلك أنه لا بد أن يكون هناك علم .. وعلمنا كبشر بأحوال المخاطبين محدودة ..

ولكن الله سبحانه وتعالى بلا حدود .. ومن هنا فإن بلاغة القرآن الكريم في أنه معجز في مخاطبته للبشر جميعاً .. معجز في بلاغته .. ومطابقته بمقتضى مخاطبته للبشر جميعاً يخاطب ملكات في النفس لا ندري .. لا نعرف سرها .. مكون من نفس الحروف والكلمات التي يستخدمها العامي .. والمتعلم ..

تحدى به الله البشر أن يأتوا بصورة من مثله .. ثم تحدى الإنس والجان .. وهم الذين لهم اختيار .. ووضع الله فيه أسماء الحروف كإعجاز لأن الموحي إليه وهو النبي صلى الله عليه وسلم أمي لم يقرأ .. ولا يكتب .. على أن الإعجاز في القرآن لا ينتهي عند هذا الحد .. وانما يمتد إلى دقة اللفظ والتعبير التي يعجز عنها البشر ..

البلاعة في القرآن الكريم ..


إذا أردنا أن نتحدث عن معجزة القرآن .. وبلاغته .. فإننا لا بد أن نتناول دقة اللفظ .. أو دقة التعبير في القرآن الكريم .. وكلام الله سبحانه وتعالى يجب أن يكون في غاية الدقة .. بحيث يعبر عن الشيء تعبيراً كاملاً .. فلا تجد حرفاً زائداً بلا معنى .. ولا كلمة مترادفة إلى آخر ما يقال عن القرآن الكريم .. والحقيقة أن المعجزة في القرآن تجدها في حرف .. فيقول الله سبحانه وتعالى :

" قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ... (20) " سورة العنكبوت

وتقف أنت عند هذه الآية الكريمة وتسأل .. لماذا لم يقل الله :

قل سيروا على الأرض ...

هل أنا أسير في الأرض .. أو على الأرض .. حسب مفهوم الناس جميعاً .. فأنا أسير على الأرض .. ولكننا نجد أن الله قد استخدم كلمة في .. .. ولم يستخدم كلمة على .. يقول :

سيروا في الأرض .. ( ففي ) تقتضي الظرفية .. والمعنى يتسع لأن الأرض ظرف المشي .. ومن هنا فإن التعبير جائز .. ولكن ليس في القرآن كلمة جائز .. فالتعبير يقدر المعنى تماماً .. والحرف الواحد يغير المعنى وله هدف .. وقد تم تغييره لحكمة لكن ما هي حكمة استخدام حرف ( في ) بدلا من حرف ( على ) ..؟

عندما تقدم العلم وتفتح وكشف الله أسرار الأرض وأسرار الكون .. عرفنا أن الأرض ليس بمدلولها المادي فقط .. أي أنها ليست الماء والأرض .. أو الكرة الأرضية وحدها .. ولكن الأرض هي بغلافها الجوي .. فالغلاف الجوي جزء من الأرض يدور معها ويلازمها .. ومكمل للحياة عليها .. وبدونه تصبح الحياة غير ممكنة على الأرض .. وسكان الأرض يستخدمون الخواص التي وضعها الله في الغلاف الجوي في اكتشافاتهم العلمية ..

والدليل على ذلك أنك إذا ركبت الطائرة فإنها ترتفع بك 30 قدم مثلاً عن سطح الأرض .. ومع ذلك فإنك لا تقول أنك خرجت من الأرض .. ولكنك تقول أنت تطير في الأرض .. متى تخرج من الأرض علمياً وحقيقة .. هو عندما تخرج من الغلاف الجوي المحيط بالكرة الأرضية .. فأنت في الأرض .. ولست خارج الأرض فإذا خرجت من الغلاف الجوي .. فأنت في هذه اللحظة التي تخرج فيها خارج الأرض .. الغلاف الجوي متمم للأرض .. وجزء منها .. ويدور معها .


نعود إلى الآية الكريمة ونقول : لماذا استخدم الله سبحانه وتعالى لفظة في .. ولم يستخدم لفظة على ..؟

لأنك في الحقيقة تسير في الأرض .. وليس على الأرض .. هذه حقيقة علمية لم يكن يدركها العالم وقت نزول القرآن .. ولكن الله سبحانه وتعالى وهو القائل .. وهو الخالق يعرف أسرار كونه .. يعلم أن الإنسان يسير في الأرض .. أنه يسير على سطح الأرض .. ولكنه لا يسير على الأرض .. بل يسير فيها بين الغلاف الجوي والسطح .. ومن هنا فهو يسير في الأرض .. أي في وسطها بين غلافها الجوي الذي هو جزء منها .. وبين اليابسة التي جزء آخر .. وهكذا نجد دقة التعبير في القرآن في حرف .. وجد معجزة القرآن في حرف .


وللحديث بقية ..

اخوكم / الاثرم


AL-ATHRAM غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-13-2023, 08:25 PM   #4
AL-ATHRAM
Senior Member
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 386
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
اختلاف الصبر ..

أنتقل بعد ذلك إلى مثل آخر لنعرف مدى بلاغة القرآن في اختيار اللفظ الذي يناسب المعنى تماماً .. وليس فيه تجاوز ولا مترادفات .. يقول الله سبحانه وتعالى على لسان لقمان وهو يوصي ابنه :

" وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (17) ". سورة لقمان

.. ثم نجد في أية ثانية ..

" وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (43) ". سورة الشورى

زادت هنا اللام .. أي انسان يقول ان زيادة اللام هنا للتأكيد .. كلمة مترادفة .. لا يتوقف عندها كثيراً .. ولكن المسلم حين يدقق في معني القرآن الكريم .. يجد أن كل حرف في القرآن الكريم .. قد تم وضعه بحكمة بالغة .. وأنهن لا شيء اسمه مترادفات .. وانما لكل لفظ معنى يؤديه .. ولا يؤديه اللفظ الآخر .. رغم التشابه .. فإذا دققنا في المعنى نجد ما يلي :

في الآية الأولى يقول الله سبحانه وتعالى :

" وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ ".

والأمر الذي يصيب الإنسان نوعان نوع للإنسان فيه غريم .. ونوع لا يوجد فيه غريم .. عندما أمرض ليس لي غريم .. وإذا أصابني مكروه بقضاء وقدر .. كأن أكون سائراً في الطريق فيسقط شيء فوقي ليس هناك غريم .. إنما عندما أسير في الشاعر ويعتدي على انسان بالضرب .. أذن هناك غريم ..

فهناك نوعان من الصبر .. صبر النفس فيما ليس لي فيه غريم .. وهذا هين لأنه ليس هناك انسان أنفعل عليه .. لا أملك أن أرد على شيء قد حدث لي ... ما حدث هو قضاء الله .. وأنا ليس أمامي إلا الصبر .. هذا نوع من الصبر لا يحتاج إلى طاقة كبير ليمارسه الإنسان .. لأنه ليس هناك غريم أستطيع أن أرد له ما أصابني ..

والنوع الثاني من الصبر .. محتاج إلى جلد أكبر .. ومحتاج إلى قوة إرادة .. وهذا النوع هو الذي يوجد لي فيه غريم أستطيع أن أنتقم منه .. وأستطيع أن أصفح وأغفر .. اذن عندما يتحدث الله سبحانه وتعالى عن الصبر بنوعيه .. يعطي لكل نوع ما يستحقه من وصف للنفس البشرية .. فهو عندما يتحدث عن الصبر على شيء ليس لي .. فيه غريم .. يقول الله :

" وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (17) ". سورة لقمان

وعندما يتحدث عن الصبر الذي لي فيه غريم بحيث أستطيع أن أنتقم .. وأكون منفعلاً إذا لم أنتقم .. يقول الله سبحانه وتعالى :

" إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (43) ". سورة الشورى

هنا اللام للتأكيد في نوع الصبر .. وما يحتاجه من جلد وضبط للنفس .. ففي الحالة الأولى حينما لا تستطيع أن تعاقب بمثل ما عوقبت به .. يكون الصبر من عزم الأمور .. ولكن في الحالة الثانية فأنك تستطيع أن تنتقم من غريمك .. ولذلك قال الله تعالى :

" وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ (43) ". سورة الشورى

وهنا يظهر من كلمة غفر .. أن هناك غريماً يمكن الانتقام منه .. وان هذا الغريم قد غفر الانسان له .. ومن هنا لا بد أن تأتي اللام للتأكيد .. لتؤكد المعنى .. وتؤكد الفرق بين عزم الأمور في الحالة الأولى .. وعزم الأمور في الحالة الثانية .. وهكذا نرى أن حرفاً واحداً في القرآن الكريم يصنع معجزة ..

وللحديث بقية ..

اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-29-2024, 09:19 PM   #5
AL-ATHRAM
Senior Member
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 386
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

مخاطبة النفس البشرية ..

على أن المعجزة لا تأتي في حرف فقط .. بل تأتي أيضاً في مخاطبة القرآن للملكات البشرية المستورة .. الشيء الذي ينبىء عن علم تام بخفايا النفس البشرية .. وملكاتها التي نعرفها .. والتي نجهلها ..

فمثلاً عندما أراد الله سبحانه وتعالى أن يمنع المشركين بأن يطوفوا بالبيت الحرام .. ساعة ما يلقي هذا الأمر .. ما الذي يهتز في نفس المسلم الذي يستمع .. أي الملكات تهتز .. ملكة الاقتصاد في النفس .. على أساس أن هؤلاء المشركين يأتون من كل الدول .. المدن .. القرى .. والبلاد المحيطة بمكة .. وهذا لم يصلها الإسلام بعد ..

ومعنى منعهم من الحضور .. منع الخير الذي يأتي معهم .. فهم يأتون بالبضائع .. وينفقون .. ويحدثون رواجاً اقتصادياً .. هنا تهتز ملكة الاقتصاد في النفس .. والله سبحانه وتعالى وهو خالق النفس البشرية .. يعلم هذا .. فعندما تنزل هذه الآية .. لا تقتصر على مخاطبة ناحية أفعل ولا تفعل .. كأوامر ونواه .. وطريق ومنهج للحياة ... ولكن تتجلى فيها رحمة الله فتخاطب الآية الملكة النفسية التي تتأثر بالاقتصاد .. فعندما يقول الله سبحانه وتعالى :

" إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـذَا (28) ". سورة التوبة

يخاطب في نفس الآية الملكة الاقتصادية .. ويخاطب الملكة الاقتصادية قبل أن يثار السؤال في أن ذلك سيؤدي إلى ضيق الرزق .. فيقول الله سبحانه وتعالى :

" َإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ (28) "... سورة التوبة


نفس الآية .. والمعنى هنا أنه حذار أن تفتنكم الملكة الاقتصادية ... وتأثيرها داخل النفس يتكرر الآن في أشياء كثيرة تحدث في الدنيا .. والله سبحانه وتعالى حين يقول لك افعل كذا .. أو يقول لك لا تتعامل مع كذا .. يأتي بعد ذلك مباشرة السؤال إلى ذهنك .. والرزق الذي أحصل عليه من هذا التعامل .. من أين آتي به .. وهنا يقول الله سبحانه وتعالى أنني أرزقك من طريقي .. وما دام الرزق بيدي أنا فإنني سأيسر لك سبيلاً آخر للرزق .. ولا تخش الفقر .. ولا تخف من أن رزقك سيناله غيرك ..


" هُوَ .. يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) ". سورة الشعراء

والله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم يخاطب دائماً ملكات النفس البشرية .. ويرد عليها ببلاغة وبدقة متناهيتين .. بحيث تجد أنه عندما تتغير كلمة واجدة من الكلمات .. فان ذلك لأن الله سبحانه وتعالى يريد أن يعطي معنى جديداً .. أو يفهم شيئاً جديداً .. وهذه الدقة الهائلة .. تجدها موجودة بكثرة في القرآن الكريم ... مثلاً ابراهيم عليه السلام يقول :

" فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ (77) الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) ". سورة الشعراء

هنا نتوقف لنسأل : لماذا لم يقل إبراهيم عليه السلام هو الذي خلقني فهو يهديني ..

وقال : " الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) ".


لأن الخلق ليس محتاجاً إلى تأكيد .. فليس هناك انسان مهما كبر وعظم وحكم الدنيا كلها .. يستطيع أن يدعي أنه يخلق انساناً .. وإلا فسنطلب منه أن يفعل ذلك وسيعجز .. اذن فالخلق لم يدعه أحد .. وذلك فانه غير محتاج إلى تأكيد .. انما الهداية هناك مئات الألوف ممن يدعون انهم يهدون الناس ..

بعضهم وضع مناهج مع الدين .. ويعضهم وضع مناهج ضد الدين .. والمهم انهم جميعاً يدعون أنهم يريدون هداية البشر .. وكل انسان يضع نظاماً يخضع لأمره وهواه .. ويدعي أنه للهدية .. ومنا هنا كان لا بد من التأكيد على أن الهدى من الله وحده .. وأن الحق والطريق المستقيم من الله وحده .. وهكذا نرى أن الضمير هنا كان لا بد من وضعه .. وأن الضمير في الجزء الأول من الآية لم يكن هناك حاجة للتذكير به .. فالخلق صفة من صفات الله .. لا ينازعه فيها أحد .. فهو ليس محتاجاً إلى تأكيد وانما الهدى فيه ادعاءات من الناس .. وهنا تأتي كلمة ( هو ) ضرورة .. ثم تأتي بعد ذلك في :

" وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) ". سورة الشعراء

لأن الإنسان يكسب ثمن الطعام والشراب فهناك ادعاءات كثيرة في الرزق .. ومنا هنا فان هذه الادعاءات محتاجة إلى ان يقول الله سبحانه وتعالى كلمة :

" هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) ".

ويقول أيضاً مع :

" وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) ". سورة الشعراء

.. ذلك أننا بين الطبيب والدواء ننسى إرادة الله سبحانه وتعالى .. ثم بعد ذلك نأتي إلى عدم وجود كلمة هو في قوله تعالى :

" وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (81) " . سورة الشعراء

ولم يقل : والذي ( هو ) يميتي ثم ( هو ) يحين لأنه لا أحد يستطيع أن ينازع الله في مسالة الموت والحياة .. ولا يدعيها لنفسه .. ومن هنا كان التأكيد غير لازم لمقتضى الحال وهكذا نرى في هذه الآيات أن الله سبحانه وتعالى يأتي بالضمير فيضعه مرة .. ويحذفه مرة .. لأن المقام يقتضي ذلك .. ولأن دقة التعبير في القرآن الكريم تجعل الكلمة الواحدة توضع في المكان المناسب لتعبر عن المعنى الدقيق البالغ الدقة .. سواء من ناحية الإضافة أو الحذف .. أو اختيار الكلمات .. ولو ان الله سبحانه وتعالى استخدم كلمة هو في كل الآيات التي ذكرناها .. أو حذف كلمة هو من كل الآيات التي ذكرناها .. لما تنبه لذلك معظم الناس .. ولمضى الحديث على أساس أنه كلام بشر .. ولكنه كلام الله سبحانه وتعالى ..



وللحديث بقية ..

اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-27-2025, 09:26 PM   #6
AL-ATHRAM
Senior Member
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 386
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

لماذا التغيير ..


ونرى أن الدقة البالغة في التعبير تقتضي التغيير في كل حرف يتم .. وفي كل كلمة تقال .. بل في نفس الكلمة مثلاً .. مثل سقيناهم .. واسقيناهم .. سقيناهم متعدياً .. وأسقيناهم متعدياً ..

" َسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا (21) ". سورة الانسان

هذا قول الله سبحانه وتعالى .. وفي آية أخرى يقول الله سبحانه وتعالى :

" وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم (16) ". سورة الجن

لماذا لم يقل لو استقاموا على الطريقة لسقيناهم .. مع أن سقى وأسقى بمعنى واحد .. واللفظان يتعديان لمفعولين .. ما هو الخلاف .. هل هي مجرد مترادفات .. أم ألفاظ تتغير حتى لا تتكرر نفس الألفاظ .. أبداً .. كل تغيير له حكمة .. كل تغيير يحدد معنى معيناً لا يحدده غيره .. ونحن حين نأتي ونتابع القرآن الكريم نجد أن سقى تستخدم في الأمر الذي ليس فيه كلفة ولا علاج .. وأسقيناهم في الأمر الذي فيه كلفة وعلاج .. هذا في أمور الدنيا ..

" أَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا "

أمر فيه كلفة .. فيه جهد .. نحن أوجدنا لهم الماء وجعلناه متوفر لديهم بلا تعب ولا نصب .. فهو موجود في البئر .. ولكن لكي تتم السقيا يجب أن يذهب الإنسان إلى البئر ليشرب ... أو أن يحضر له إنسان آخر الماء .. اذن هنا في أسقيناهم .. رغم أن الماء موجود بقدرة الله سبحانه وتعالى .. ومتوافر بقدرة الله سبحانه وتعالى . إلا أن عملية السقيا فيها عمل من الإنسان .. أو جزء من العمل .. فإذا أتينا إلى كلمة سقيناهم .. نجد الله سبحانه وتعالى يقول :

" وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا (21) ." سورة الإنسان

هذا في الجنة .. بمجرد الخاطر ليس فيه كلفة .. إذا أحسست بالعطش وجدت الماء أمامك يصل إلى فمك .. هنا في الآخرة لا يوجد أي جهد ولا أي كلفة للإنسان في أي عمل يعمله .. فكل شيء في الجنة متى تمناه الإنسان وجده حاضراً أمامه .. إذن فقول الله سبحانه وتعالى :

" وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا "
معناه أن السقيا هنا في الجنة ليس فيها أي جهد .. ولا أي كلفة .. ولذلك فرق الله سبحانه وتعالى بين السقيين .. رغم أنه هو الذي أوجد الماء أو ما يتم شربه في الحالتين.


وللحديث بقية ..

اخوكم الاثرم
AL-ATHRAM غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إنشاء موضوع جديد إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:35 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir