![]() |
![]() |
|
![]() |
#1 |
Senior Member
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 386
|
![]() بسم الله الرحمن الرحيم المواجهة .. بالمعجزة .. وحين اطمأنت مريم عليها السلام إلى أن الله سبحانه وتعالى سيرسل معها الدليل المادي الذي لا يحمل الشك على صدقها .. اطمأن قلبها .. وحملت ابنها وذهبت إلى قومها .. ويقول القرآن الكريم : " فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً {27} يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً {28} ( سورة مريم ) . وهكذا نجد أن المواجهة التي توقعتها مريم قد حدثت .. وأن بني إسرائيل قد واجهوا مريم بالسوء قبل أن يسمعوا منها كلمة واحدة .. وهم كقوم ماديين عبدوا الأسباب .. لم ينتظروا حتى تتكلم مريم لتروي لهم ما حدث وهو المنطق الطبيعي في هذه الأشياء .. فقد كان من الممكن أن يسألوها عن هذا الطفل .. ربما ليس طفلها .. ربما وجدته في مكان يواجه خطراً فجاءت به .. وربما ماتت أمه وهي تلده فحملته مريم إلى قومها .. ولكن كل هذه الافتراضات التي تحتم الأخذ بحسن النية أولا لم ترد على خاطر بني إسرائيل .. بل افترضوا السوء من أول وهلة وأخذوا يعيرونها وأنها ارتكبت إثماً كبيراً ويذكرونها بطيب أصلها وصلاح أبويها وأخيها هارون .. وكيف أن هذا السلاح والتقوى كان يجب أن ينتقل إليها .. وأن تكون هي قدوة سلوكية حسنة .. واتهموا قبل أن يسألوا وقبل أن يعرفوا الحقيقة .. وفي هذا يبن لنا القرآن الكريم سوء أخلاقيات بني اسرائيل وإسراعهم إلى الظن بالسوء والافتراء في الاتهام .. وكيف أنهم وقد عصوا الله وقتلوا أنبيائهم .. إنما ذلك عن خلق سيء لا يعرف للعمل الطيب مكاناً . حينئذ ماذا فعلت مريم .. أشارت إلى عيسى عليه السلام وهي تحمله فبهت القوم لأنهم لم يتوقعوا منها ذلك .. كانوا يتوقعون أن تتحدث هي معهم .. أو أن تقول لهم شيئاً يبرئها .. أو تحاول تبرير ما حدث .. ذلك كان ظنهم ولكنهم فوجئوا بها وهي تشير إلى الطفل الصغير .. ولم يفهموا لأن طلاقة القدرة غابت عنهم وهم لا يتعاملون إلا بالأسباب .. فأبدوا عجبهم مما فعلته مريم فقالوا : " كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً {29} أي يا مريم أنت تستخفين بعقولنا فهذا طفل صغير عمره ساعات .. أو يوم أو بعض يوم .. فكيف تطلبين منا أن نتحدث معه .. وهل ينطق مثل هذا الطفل .. إن الأسباب كلها تقول لا .. أنه عاجز عن النطق .. ولكن الله سبحانه وتعالى أنطق عيسى بن مريم .. أنطقه وهو طفل صغير .. أنطقه ليثبت لهم طلاقة القدرة .. وأن الله سبحانه وتعالى الذي لا يجعل طفلاً ينطق إلا بعد عام أو أكثر من عام من عمره .. يستطيع أن يجعل طفلاً عمره يوم أو أكثر بعض يوم أن يتحدث .. ولا يجعله يتحدث حديث الأطفال .. بل يجعله يتحدث حديث الرجال راجحي العقل والمنطق .. وأن يناقش ويرد بالحجة عليهم .. وأن يكلمهم وكأنه قد بلغ مبلغ الرجولة .. وعقل كل شيء .. وللحديث بقية .. اخوكم / الاثرم |
![]() |
![]() |
![]() |
#2 |
Senior Member
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 386
|
![]() بسم الله الرحمن الرحيم المعجزة .. والحكمة لماذا وقعت هذه المعجزة .. ولماذا أتمها الله سبحانه وتعالى .. ليجعل هؤلاء القوم الماديين يوقنون بما حدث لمريم .. فلو أنها رزقت طفلا عن طريق عادي كما تلد النساء لما استطاع هذا الطفل أن يتكلم أن ينطق حرفاً واحدا .. وحتى ولو كانوا قد انتظروا عليه حتى يكبر .. ليتعلم النطق لكان حديثه حديث الأطفال .. فيه سذاجتهم وافتقارهم على المنطق والحجة والفهم .. ولكن كون عيسى بن مريم نطق بعد ولادته بيوم أو بعض يوم فإن ذلك معناه يقيناً أن ذلك الطفل لم يأت بالطريق العادي وهو الذكر والانثى .. ولكن معجزة كلامه تدل على طلاقة القدرة في مولده .. وأن مريم لم يمسسها بشر .. وإنما عيسى بن مريم جاء بكلمة " كن فيكون " .. وإلا إذا كانت مريم قد مسها أي بشر لجاءت بطفل عادي مما تلد النساء .. كان يجب على بني إسرائيل أن يفيقوا ساعة نطق عيسى بن مريم .. وأن يعلموا أنهم أمام معجزة خارقة لله سبحانه وتعالى . وأن يؤمنوا بكل ما تقوله مريم .. ويؤمنا بعيسى رسولاً ونبياً .. ماذا قال عيسى بن مريم .. كان أول ما قاله : " قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً {30} ( سورة مريم ) أي أن أول ما بشر به هو رسالته .. قال إني عبد الله حتى لا يفتن الناس بمولده .. فيحملوا الأشياء أكثر مما تحتمل .. فحسم الموقف بأنه عبد من عباد الله وبشر ورسول .. ثم بعد ذلك قال : " آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً {30} أي جعل لي كتاباً سأبلغه إليكم .. ورسالة من السماء لكم .. وهكذا كانت أولى معجزات عيسى عليه السلام في أولى كلمات نطقها .. ( على عكس الكتاب المقدس ) فقد أبلغهم بالمستقبل وهو ما زال في المهد صبياً .. فقال لهم إني قد جئتكم بكتاب من الله سبحانه وتعالى .. لأهديكم إلى صراطه المستقيم .. والله جعلني لكم نبياً .. وفوق ذلك آتاني الحكمة .. وأنتم ترون هذه الحكمة .. وأنا أتحدث إليكم .. فليس حديثي هذا حديث طفل رضيع .. ولكنه حديث رجل أوتي الحكمة يستطيع أن يجادلكم فيما تقولون .. وكان هذه معجزة ثانية بطلاقة القدرة .. انباء بغيب قادم ونبوة ورسالة .. وما زال عيسى بن مريم في المهد صبياً .. وانباء بأنه وهو طفل رضيع لم يعط نعمة الكلام فقط من الله سبحانه وتعالى بل أعطي نعمة الحكمة أيضاً .. " وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً {31} ( سورة مريم ). ومضى عيسى بن مريم في كلامه ليقول أن الله سبحانه وتعالى قد أحاطني ببركته أينما أكن .. فما من مكان أذهب إليه .. إلا حلت فيه البركة .. وملأه الرزق .. كما أوصاني الله سبحانه وتعالى أن أعبده حق عبادته ما دمت حيا .. والعبادة واجبة على الإنسان في فترة الحياة التي تتصل فيه الروح بالمادة .. تلك الفترة هي التي يكون فيها الإنسان مختاراً أن يفعل أولاً يفعل .. أن يعبد الله أو أن يعصيه .. فقبل الحياة .. وبعد الموت لا يكون هناك اختار .. بل هو قهر .. والله سبحانه وتعالى قال في قرآنه الكريم : " لِيُنذِرَ مَن كَانَ حَيّاً {70} " ( سورة يس ) أي إن القرآن الكريم للأحياء وليس للأموات .. ولا يستطيع واحد عصى الله في حياته الدنيوية أن يقول بعد أن يموت .. أنني سأعبد الله حق عبادته بعد الموت ليكفر عني ما فعلته وارتكبته من معاص .. فبعد الموت ينقطع عمل ابن آدم .. ويعرف جزاءه أو مصيره .. بل أنه في ساعة ( الغرغرة ) .. وهي ساعة خروج الروح من الجسد .. تعرض أعمال ابن آدم عليه .. فإن كانت طيبة انفرج وجهه وظهر السرور عليه .. وعندما تنظر إليه بعد الموت .. تقول إن نهايته أو خاتمته كانت طيبة .. وان كان عمله سيئاً .. انقبضت أساريره واكفهر وجهه .. وحاول أن ينطق بالشهادتين فخانه لسانه .. وفي هذه اللحظة يعرف أن مصيره هو النار .. والذي يصل إلى حالة الغرغرة يعرف يقيناً أنه ميت .. ويبدأ أولى دقائق حياته في العالم الآخر .. وهكذا جاء قول عيسى بن مريم مؤكداً أنه كنبي لم يعف من التكليف .. فقد طلب منه الله سبحانه وتعالى وأوصاه بأن يعبده حق عبادته ما دام حيا .. ويمضي عيسى بن مريم عليه السلام .. ليكمل ما أوصاه الله به فيقول : " وَبَرّاً بِوَالِدَتِي {32} " ( سورة مريم ). ولم يقل برا بوالدي .. وهذه تأتي لتؤكد لبني إسرائيل مرة آخرى معجزة الله في مريم.. فلو أن عيسى جاء من ذكر وأنثى .. لقال وبرا بوالدي .. ولكنه قال وبرا بوالدتي ليكون شاهد صدق على طريقة خلقه .. وأنه لم يأت من ذكر وأنثى .. بل أتى بطلاقة القدرة من مريم عليها السلام دون أن يمسسها رجل .. وللحديث بقية .. اخوكم / الاثرم |
![]() |
![]() |
![]() |
#3 |
Senior Member
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 386
|
![]() بسم الله الرحمن الرحيم وكانت معجزة كافية .. وهنا يجب أن يكون لنا وقفة .. لقد أتت مريم قومها وهي تحمل عيسى عليه السلام .. ونطق عيسى وهو في المهد .. وكانت هذه معجزة كافية لتقنع بني اسرائيل بأن ما حدث ليس شيئاً عادياً .. ولا نطبق عليه أسباب الدنيا التي يعرفها الناس .. ولكن الله سبحانه وتعالى يعرف عناد بني إسرائيل .. ومكابرتهم في الحق .. وإمعانهم في الباطل .. ولذلك فقد أراد أن يأتي بأكثر من آية .. تأكيداً لصدق مريم عليها السلام في كل ما تقول .. ولم يجعل الطفل ينطق فقط .. ولكنه جعله يؤكد لهؤلاء القوم بأنه جاء من امرأة دون أن يمسسها رجل .. ويؤكد لهم هذا بكلامه هو .. وهو رسول ونبي .. مؤيداً من الله بمعجزة منذ لحظة ولادته .. ومبلغاً عن الله سبحانه وتعالى برسالة ومنهج .. ومن هنا .. فإنه صادق أمين فيما يقوله .. فإذا قال وبراً بوالدتي ولم يقل وبراً بوالدي .. فإن ذلك معناه صدق معجزة مريم .. وهكذا يسوق الله سبحانه وتعالى الدليل تلو الدليل لبني إسرائيل على طلاقة القدرة .. وصدق رسالة عيسى عليه السلام .. ورغم ذلك فقد كابروا ولم يؤمنوا .. ويمضي عيسى عليه السلام ليقول : " وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً {32} " ( سورة مريم ). أي أنني لم آت إليكم كجبار يفسد في الأرض ويقهر الناس ويجبرهم على الأشياء .. وينشر الرعب وسفك الدماء .. بل جئتكم رحمة من الله سبحانه وتعالى .. رحمة منه لاعيدكم إلى المنهج الذي تركتموه واتخذتموه ورائكم ظهريا .. أي وضعتموه وراء ظهوركم حتى لا تلتفتوا إليه ولا ترجعوا إليه أبداً وجئتكم كرحمة لأحل لكم بعض الذي حرم عليكم .. وفي هذا رحمة من الله وفضل .. إنه يرفع العنت عنكم .. ويزيل عنكم بعض المشاق التي فرضت عليكم بعصيانكم للمنهج ولأوامر الله .. أنا قد جئت لأرفع عنكم كل هذا برحمة من الله سبحانه وتعالى .. فكأنني رحمة في أن أعيدكم إلى المنهج .. لتعودا إلى طريق الله السوي .. وأجنبكم عذابه وغضبه .. وجئت إليكم لأيسر لكم حياتكم فأحل لكم بعض ما حرم عليكم .. وجئتكم برحمة أخرى .. هي أنني أخرجكم من الماديات التي غرقتم فيها .. وألفتكم إلى الغيب وإلى الله سبحانه وتعالى .. علكم ترعون الله وتهتدون .. وتعرفون أنه بجانب ماديات الدنيا .. فهناك الغيب والروح .. وهناك غير المادة التي تعبدونها وتتخذونها إلها .. وهناك الله سبحانه وتعالى الذي هو بطلاقة قدرته يستطيع أن يحقق لكم كل ما تريدون .. فلا تتخذوا منهج الله وراء ظهوركم وتنبذوه .. وتعبدوا ماد الدنيا وحدها . لم يجعلني الله جباراً .. ولكنه سبحانه وتعالى جعلني رحمة .. ولم يجعلني شقياً محكوماً عليه بالشقاء والعذاب .. بل جعلني مرضياً عنه منه .. أي أن الله قد رضي عني في الدنيا والآخرة .. ولم يجعلني من زمرة الأشقياء الذين يشقون بغضب الله في الحياة الدينا وعذابه في الآخرة . ثم يمضى عيسى بن مريم عليه السلام : " وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً {33} ( سورة مريم ). وهذه الآية تحمل معاني عميقة .. فما من شيء أحدث جدلاً في الدنيا مثل ثلاثة أشياء .. يوم ولادته وطريقة هذا المولد .. ويوم وفاته ورفعه إلى السماء .. ويوم يبعث حياً .. أي بعثه في آخر الزمان ليهدي الناس .. أو بعثه ليوم القيامة .. وهذه النقط الثلاث ما زالت موضع جدل كبير حتى يوما هذا .. وستظل كذلك حتى قيام الساعة .. فما زال مولد عيسى بن مريم موضع جدل بين اليهود والنصارى .. وما زال كل فريق منهما يتحدث عن هذا المولد بطريقة تختلف عن طريقة الفرق الآخر .. ما زالت النظريات الفلسفية تقوم .. والفلاسفة والذين يكتبون عن الدين يحاولون وضع الروايات المختلفة والنظريات الفلسفية المتناقشة عن مولد المسيح عليه السلام .. ورغم أن القرآن الكريم قد حسم الموقف تماماً .. وروى عن الله سبحانه وتعالى قول الحق الذي فيه يختلفون .. إلا أنه ما زالت هناك فلسفات تقوم ونظريات بعد نظريات .. ولقد كان يكفي ما أراه الله لعباده من طلاقة القدرة في مولد المسيح عليه السلام .. وحديثه وهو طفل .. والمعجزات التي أيده بها .. فقد كان جبريل لا يفارق عيسى عليه السلام ليثبته أمام الجدل والاتهام اللذين واجهه بهما بنو إسرائيل .. ولكن رغم كل هذه المعجزات والتحضير الإلهي لمولد عيسى .. واللفتة إلى الروحانيات .. أو إلى الغيب وطلاقة القدرة التي جاء بها عيسى عليه السلام .. فإن الجدل ما زال يثور .. ولكم أن تطلعوا على الكتب التي تصدر حتى في هذه الأيام فتجدوا أنها تحمل صور هذا الجدل .. ودليلاً يهدمه دليل .. ولكن رغم هذا الجدل فإن عيسى عليه السلام .. أعطى السلام والأمن من الله يوم مولده وبدأه الله سبحانه وتعالى من كل جدل يحدث بعد ذلك .. ويدور الجدل حول وفاة عيسى عليه السلام .. والقرآن الكريم يقول لنا إن عيسى لم يصلب وإن الله قد رفعه إليه .. ولا شك ان مسألة الرفع إلى السماء يجب ألا نتوقف عندها .. ذلك لأن عيسى عليه السلام من مولده إلى وفاته مؤيد بقدرة الله سبحانه وتعالى .. وإذا كان ميلاده معجزة .. وحديثه وهو طفل معجزة .. والأشياء التي قام بها وهو نبي والتي سنتناولها معجزات .. وكلها مؤيدة بطلاقة قدرة الله سبحانه وتعالى .. لا تخضع لأسباب الكون .. فلماذا نريد أن نخرج عن هذا كله في رفعه إلى السماء .. ولماذا نصدق طلاقة القدرة في مولده ومعجزاته .. ثم بعد ذلك نأتي إلى وفاته ورفعه إلى السماء ونجادل في الأسباب .. ما دامت الرسالة كلها مؤيدة بطلاقة القدرة .. فيجب أن نأخذ كل الأحداث فيها بمنطق طلاق قدرة الله .. وليس بمنطق الأسباب .. فلا نطبق على جزء من حياة عيسى عليه السلام طلاقة القدرة .. وعلى جزء آخر منها الأسباب .. وإلا نكون قد ناقضنا أنفسنا .. وهدمنا المنطق .. بل إننا يجب أن نأخذ رسالة عيسى منذ مولده حتى رفعه إلى السماء بطلاقة القدرة وحدها التي تقول للشيء كن فيكون ولا نأخذها بالأسباب والمسببات التي نعرفها .. وللحديث بقية .. اخوكم / الاثرم |
![]() |
![]() |
![]() |
#4 |
Senior Member
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 386
|
![]()
بسم الله الرحمن الرحيم
لماذا الجدل ؟ ثم لماذا الجدل عن رفع عيسى عليه الصلاة والسلام إلى السماء بالجسد أو الروح فلقد حدثت هذه المعجزة لرسولنا محمد صلى الله عليه وسلم وأسرى به الله بالجسد إلى سدرة المنتهى .. ثم أعاده إلى الأرض مرة أخرى .. وهذا ثابت ويقيني مما أخبرنا به القرآن الكريم صدقاً من الله سبحانه وتعالى .. فهل تقف طلاقة قدرة الله عن أن يرفع عيسى إلى السماء بالجسد .. ان الذي يؤمن بطلاقة القدرة يعلم يقيناً أنه لا شيء يستطيع أن يحدها .. ولا قيود ولا حدود على قدرة الله سبحانه وتعالى ولا أسباب ولا مسببات .. ومادام الفعل قد نسب إلى الله سبحانه وتعالى فهو الذي عرج إلى السماء بمحمد عليه الصلاة والسلام وهو الذي رفع عيسى إلى السماء .. فإن العمل يجب أن ينسب إلى قدرة الفاعل الذي ليس كمثله شيء .. فإذا كان الفاعل وهو الله سبحانه وتعالى يكون الفعل بلا قيود ولا زمان ولا مكان .. ويكون مصدقاً لأن الفاعل هو الله الذي خلق كل شيء والذي يقول كن فيكون . إذن فلا محل للجدل هنا .. لأن الجدل يمكن أن يثار إذا كان الفاعل إنساناً .. أو محدود القدرة .. ولكن إذا كان الفاعل هو الله فلا جدال .. أما بقاء عيسى عليه الصلاة السلام ليبعث في أخر الزمن أو يوم القيامة فلا يثير جدلاُ هو الآخر .. ذلك أنه في الحالة الأولى .. فإن الفرق بين معجزة محمد عليه الصلاة والسلام ومعجزة عيسى عليه الصلاة والسلام هو فرق الزمن الأرضي أو الوقت .. فمحمد عليه السلام عرج إلى السماء ثم أعيد إلى الأرض في فترة زمنية قصيرة .. وعيسى عليه السلام سيأخذ فترة زمنية أطول ولا زمن عند الله سبحانه وتعالى . على اننا في كل هذا .. وأعود فاكرر مرة أخرى يجب أن ننسب الفعل إلى الفاعل .. وإذا كنا في الأشياء الأرضية ننسب الفعل إلى الفاعل .. فحفل يقيمه وزير أو حاكم لا نتقبله بعقولنا كما نتقبل بنفس المقاييس حفلاً يقيمه رجل فقير بسيط .. فإذا قيل لي أن حاكماً أو وزيراً قد أقام حفلا .. وان رجلا بسيطاً قد أقام حفلا .. فأنني بعقلي ودون أن يخبرني أحد أعرف أنه يجب أن أنسب الفعل إلى الفاعل .. فأعرف أن الحفل الذي يقيمه الوزير أو الحاكم يقام في مكان فاخر .. يحضره عدد كبير من الناس وعلية القوم .. بينما حفل الرجل الفقير يقام في مكان بسيط ويحضره عدد قليل من عبادة الله البسطاء .. إذن ففي الحالتين قد نسبت الفعل إلى الفاعل .. وفرقت فرقاً هائلاً بين إمكانيات الفاعل في حدث واحد وهو الحفل .. وإذا كانت هذه هي المقاييس فإننا يجب أن نفرق بين قدرة الفاعل وهو الله .. وبين قدرة البشر .. وان ننسب الحدث لقدرة فاعله الذي ليس كمثله شيء . على أن الله سبحانه وتعالى قد أخبرنا في كتابه العزيز أن هذه المسائل الثلاث _ مولد عيسى ورفعه إلى السماء وبعثه _ ستكون مثار جدل حتى قيام الساعة .. وأن الله سبحانه وتعالى قد برأ عيسى عليه الصلاة والسلام من هذا الجدل .. ومن كل ما قيل ويقال بعد رفعه إلى السماء . على أننا حين نتحدث عن معجزات عيسى عليه الصلاة والسلام .. فيجب أن نلاحظ شيئاً هاماً .. هو أن الله سبحانه وتعالى فرق بين هذه المعجزات رغم أن عيسى عليه عليه الصلاة والسلام رسول مؤيد من الله .. فقال الله سبحانه وتعالى على لسان عيسى .. " قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللّهِ وَأُبْرِئُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيِـي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ {49} " سورة آل عمران . نلاحظ هنا .. أن الله سبحانه وتعالى قد فرق بين المعجزات .. فجعل بعضها تتبعه عبارة ( بإذن الله ) .. والبعض الآخر لم يذكر فيه شيئاً عن هذه العبارة .. ورغم أن عيسى عليه السلام رسول مؤيد من ربه بالمعجزات .. إلا أن الله سبحانه وتعالى قد فرق بين المعجزات التي هي بإذنه والمعجزات التي أيد بها رسوله .. فمعجزة الخلق وان عيسى عليه الصلاة والسلام يخلق من الطين كهيئة الطير وينفخ فيه فيكون طيراً .. ذكر الله سبحانه وتعالى أن الحياة تدب في هذا الطير بإذن الله .. ذلك أن الله سبحانه وتعالى قد احتفظ بسر خلق الحياة لنفسه .. لم يعطه لعبد من عبادة .. ومن هنا كان لزاماً أن تأتي كلمة بإذن الله بمعنى أن الخلق يتم لا بمعجزة ذاتية ولكن بإذن الله سبحانه وتعالى . ثم تمضي السورة الكريمة .. " .... وَأُبْرِئُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيِـي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ .. {49} سورة آل عمران . ذلك أن الشافي هو الله سبحانه وتعالى الذي يحي ويميت .. وهكذا كانت هذه المعجزات إعلاناً من الله سبحانه وتعالى بأنه هو الفاعل وحده .. لا يشرك أحداً معه في ذلك .. أنه إذا كانت هذه المعجزات قد تمت على يد رسول فإنها تتم بإذن الله فأنه هو الذي يحي ويميت وهو الذي يشفي من المرض . ثم تأتي بعد ذلك المعجزات الأخرى " وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ {49}. ( سورة آل عمران ). تلك آية من الله سبحانه وتعالى إلى عيسى عليه السلام .. مكنه الله منها فاستطاع أن يقوم بها بذاتيته .. وهي وان كانت تأييداً من الله .. إلا إنها تأييد لرسوله .. كدليل على صدق الرسالة .. وإن الله سبحانه وتعالى لم يحتفظ بسر هذه الأشياء لنفسه .. بل اطلع عليها عيسى عليه السلام ومكنه منها .. ومن هنا فإن هناك معجزات احتفظ الله بسرها لنفسه ومكن عيسى من القيام بها .. ومعجزات اطلع الله عيسى على سرها ومكنه منها وسر الخلق والموت وإحياء الموتى احتفظ به الله لنفسه ولم يطلع رسولا من رسله على الكيفية التي يتم بها ذلك . على إنه رغم طلاقة القدرة التي لازمت عيسى منذ ساعة مولده حتى رفعه الله إلى السماء .. تلك الطلاقة التي أعطته من ساعة ولادته حتى ساعة رفعه على السماء معجزات بينات .. فإن ذلك لم يقنع بني اسرائيل .. ولم يجعلهم يؤمنون به .. بل على العكس جعلهم يتمسكون بالماديات وهم يرون الغيبيات وطلاقة القدرة .. وبدأوا يتآمرون عليه ويكذبون رسالته .. وكلما جاءهم بمعجزة أنكروها ولم يلتفتوا إليها .. ذلك هو طبع بني اسرائيل .. فقد جاءهم موسى بمعجزات لا تعد ولا تحصى .. وكلما حدثت أمامهم معجزة .. بقوا فترة وجيزة على الإيمان .. ثم عادوا إلى الكفر مرة أخرى .. ولم تجعلهم كل المعجزات يبتعدون عن الماديات ويتجهون إلى الله سبحانه وتعالى .. بل كان ولاؤهم دائما للذهب والمال حتى يومنا هذا .. ولقد لعنهم الله بكفرهم .. ولم يؤمنوا ! وعيسى عليه الصلاة والسلام بعد كل ما أراه لهم رؤيا العين .. ويقين المشاهدة .. أحس أنهم لم يؤمنوا .. وأحس أنهم يبتعدون عن الله سبحانه وتعالى .. ولذلك يقول الله سبحانه وتعالى : " فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ {52}. ( سورة آل عمران ) أي أن عيسى عليه الصلاة والسلام حين أحس من هؤلاء اليهود بكفرهم وعنادهم .. وعدم طاعتهم أو اقتناعهم رغم كل ما أرسله الله على يديه من آيات بينات .. أحس عيسى منهم الكفر .. فبدأ يبحث عن رجال أمناء مؤمنين .. يبلغون رسالته من بعده ويحملون منهج الله إلى عباد الله في الأرض .. كان ذلك يقيناً من عيسى عليه الصلاة والسلام أن بني إسرائيل لن يؤمنوا له رغم كل البينات التي جاء بها .. ورغم أنه قد جاء إليهم رحمة من الله سبحانه وتعالى ليحل لهم بعض ما حرم عليهم .. ليدلهم على منهج الله الذي ينجيهم من عذاب أليم .. ورغم كل هذا الذي يعتبر في مصلحة بني اسرائيل .. فقد أحس عيسى منهم بالكفر وعدم الإيمان .. فبدأ يلتجئ إلى الحواريين ومريديه ليلقنهم الرسالة الصحيحة .. ويخبرهم بما أنزله الله عليه .. حتى يكونوا من بعده دعاة مخلصين لهذا الدين الذي كان واثقاً أن بني اسرائيل سيحاولون تشويهه ومحاربته ونشر الأكاذيب عن رسالته ولقد قام الحواريون بتلقي منهج الله ثم نقلوه بعد ذلك إلى أقطار الأرض .. وهكذا كان عيسى عليه السلام حريصاً في حياته على أن يبلغ الرسالة التي كلفه الله بها .. فلما لم يفلح مع بني اسرائيل اتجه إلى تلاميذه وحوارييه .. وأعطاهم التعاليم التي نزلت عليه من السماء .. وأخذ عهداً منهم أن يقوموا بإبلاغها إلى الناس حتى يفوت على بني اسرائيل فرصة القضاء على هذا الدين وهو ما كانوا يبيتونه وأحسه عيسى عليه الصلاة والسلام في حياته . وللحديث بقية .. اخوكم / الاثرم |
![]() |
![]() |
![]() |
#5 |
Senior Member
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 386
|
![]() بسم الله الرحمن الرحيم إلى هنا .. ولقد كانت رسالة المسيح عليه السلام تجسيدياً لطلاقة قدرة الله سبحانه وتعالى .. فلطلاقة القدرة جاءت من أول الرسالة إلى آخرها .. فعندما نذرت امرأة عمران ما في بطنها لله سبحانه وتعالى .. جعلها الله تلد أنثى .. ولما أحست امرأة عمران أن الذكر ليس كالأنثى .. ورفعت يديها إلى السماء معلنة ذلك .. قال لها الله سبحانه وتعالى أنه أعلم بما وضعت .. ثم بدأ اصطفاء مريم بكشف طلاقة القدرة لها على أشياء مادية من الرزق الذي يعطيه لها الله وهي في المحراب تتعبد .. وشاء الله سبحانه وتعالى أن يري زكريا طلاقة القدرة عندما سأل مريم من أين لك هذا .. ورزقه بابن وهو رجل عجوز وامرأته عاقر .. ثم طهر الله سبحانه وتعالى مريم بالعبادة له والسجود إليه والتقرب منه ثم اصطفاها مرة أخرى على نساء العالمين لتكون هي الأنثى الوحيدة في سائر مخلوقات الله من الإنسان والجن وكل ما خلقه الله لتضع مولوداً بدون ذكر .. ولذلك كان الاصطفاء الثاني مقروناً بذكر اسم مريم مميزاً في القرآن الكريم .. ففي كل آيات القرآن الكريم يقول الله سبحانه وتعالى مريم ابنة عمران .. وعيسى بن مريم .. ولا يأتي ذكرها ولا ذكر ابنها بالاسم الأول وهو مريم وعيسى .. مع ان المتبع في القرآن الكريم هو الاسم الأول فقط .. لأن ما يرويه القرآن هو أمثلة إيمانية لا تتعلق بالشخص نفسه .. إلا في قصة مريم فقط اختصها الله بهذه المعجزة التي لن تتكرر إلى يوم القيامة .. والتي فضلها بها على كل النساء واللاتي خلقهن في العالمين . وقد جاء ميلاد المسيح ابن مريم دليلاً على طلاقة القدرة التي تقول للشيء كن فيكون .. فولد من أنثى ذكر .. وثبت الله مريم قبل أن يحدث ذلك .. ثم اظهر صدق المعجزة بان جعل عيسى بن مريم ينطق وهو طفل عمره دقائق ثم أيده بالمعجزات .. عدد منها بإذن الله كأن يصنع الطين على هيئة الطير ويحيي الموتى ويشفي المرضى .. كل ذلك يتم بإذن الله .. وعدد منها يتم بما اطلعه الله ونبأه به من أسرار الكون لتكون آية ودليلاً على صدق رسالته كأنباء الناس بما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم .. ورغم كل هذه المعجزات البينات .. وإن عيسى قد أرسل رحمة لبني اسرائيل .. فقد كفر به بنو اسرائيل وتربصوا به .. فلما أحس عيسى منهم الكفر جمع حوارييه أو تلاميذه .. وأبلغهم ما أرسل به لينقلوا رسالة الله إلى البشر .. وحملهم أمانة هذه الرسالة . وللحديث بقية .. اخوكم / الاثرم |
![]() |
![]() |
![]() ![]() |
|
|
![]() |
![]() |