![]() |
![]() |
|
|
|
|
#1 |
|
Senior Member
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 388
|
قصةٌ اخرى ..
شابٌ في مقتبل العمر يُكوّن أسرته ... من اسرةٍ كريمة .. زوجته ذات دين .. رزقه الله بنتاً وولدا .. يعملُ في شركة الطيران .. وسافر مرة كعادة الموظفين ، فنزل في احدى الدول والتقى بفتاة .. اعطته مسحوقا أبيض ، وقالت له : شمه مرةً واحدة يجعلك تطير كالفراشة .. ولم يعلم المسكين ما حقيقة هذا المسحوق الذي سيسحق دينهُ وأسرته وايمانه وحياته ومستقبله ... وشمهُ .. يقولُ المدمن لا أدري أكنتُ فراشةً او حماراً .. إلا انه سقط طريح الفراش في نومٍ عميق .. أيام مستمرة .. ثم افاق واذا موعد الطائرة على الاقلاع ، فهب يجري وما أن وصل الا وارتمى على مقعدها لا يدري من حوله .. فجاءه قائد الطائرة ينظر اليه مليا .. قال مالك ؟ مالذي حدث ؟ قال نعسان .. اريد ان أنام .. فتفحص فيه .. قال انت مدمن ! وعلامة الادمان من الهيروين تأتي من الجرعة الاولى .. والشمة الاولى .. الخطأ الذي لا يتكرر .. ولما ان وصل ومعه المسحوق الذي اخذه من الفتاة .. لو أنه رماه من الشباك لنجى .. لكنه أحس ان اعصاراً والآم في مفاصله وكبتاً .. وحزناً .. وهماً .. وضيقاً .. يقول له انتحر .. اقتل نفسك .. .. ففتح الصرة ثم أخذ من هذا المسحوق فسكن .. ثم جاءت دواعيه للمرة الثالثة .. انتهى المسحوق فطار من بلده يبحث عن تلك الفتاة كالمجنون .. لكنه لم يجدها فعاد إلى بلده وأخذ يتحسس عن أوكار المخدرات ... فوصل واشترى منهم .. وما أن وصل الى البيت الا وأخوه الضابط وأخوه الطبيب وزوجته بانتظاره ... حيثُ ان رجال الأمن التقطوا رقم سيارته وهو يأخذ الهيروين من تاجر المخدرات .. قالوا وحيك هذا رقم سيارتك .. هل أعطيته أحد ؟ قال : لا . فتشوا جيوبه واذا المخدرات في جيبه .. ظل يتعاطاها حتى نفذت أموالهُ .. وفرت زوجته الى بيت أبيها أخذت اطفالها لتنقذهم ... تبرأت منه أسرته .. وطُرد من شركة الطيران .. وظل في الشوارع .. شاحب الوجه .. حافي القدمين .. مُلوث البدن .. لا يعرف الذكر ولا الصلاة .. يمدُ يديّه عند اشارات المرور ، يتسول الناس فيجمع الدراهم ليشتري المخدرات .. وعرفهُ بعض الموظفين في شركة الطيران .. وقالوا : هذا أنت ؟! قال نعم . اني أتسول لأشتري المخدرات .. أذهب الى حارس العمارة .. وكم تصدقتُ عليه ، والآن أساله فلساً واحداً لا يعطيني ... يبكي يتحسر.. فلما رأى ان كل شيىء يحاربه أين ذهب ؟ ذهب بعيداً عن مظاهر المدنيّه والحضارة والزحمة والزخم .. عن هذا الزيف والصراخ والضجيج الزائف الذي يعيشهُ الناس اليوم ... ذهب الى مكان يسمى " الوادي الجميل " فيه زروع وفيه مياه .. وفيه فلاحون .. وفيه أُناس طيّبون .. فيه مآذن تنادي حيّ على الصلاة .. فلما دخل تلك الاماكن ... لم يجد مكان يأويه الا بيت الله ... دخل المسجد وما يدري ماذا يفعل ! فألقى بنفسه على المصحف وفتحه .. وأخذ يقرأ ما فيه .. فنظر إليه شابٌ مهندس زراعي اقترب منه .. قال هل تشتغل عندي ؟ قال نعم وفّر لي مكان أنام فيه وخبزاً أكله وأعمل لك بالمجان .. أخذه الى ارضه وأخذ يحرث ويزرع واذا جاءته النوبه وحاجة الجسم الى المخدر سقط على الارض يتلوّى يجره المهندس الى غرفته ويغلق الدار عليه .. وفي مرةٍ جاء الطبيب فاذا الحمة تنفظه ثلاثة أيام .. والعرق يتصبب .. ويرى في منامه أشباحاً ووحوشاً لها ثلاثة رؤوس .. يرى الجن .. ويرى العفاريت .. يرى في جسمه مخلوقاً يريد يمزق أنياقه وعروقه .. ويقبض بمقبضٍ من حديد على قلبه .. ما هذا الذي يعيشُ في بدني وجسمي .. لا يدري .. وبعد أيامٌ طوال من العذاب والمعاناة .. فتح كتاب الله في لحظة افاقة .. فاذا هو على آية ( وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ {68} ) فأعاد القراءة مرة ثانية (وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ {68} ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ {69} ) وأوقفته كلمة شِفاء .. ليس دواء .. شِفاء مضمون مئة بالمئة .. لم يقل الله سبحانه دواء ! صاحب المخدرات يأخذُ دواءه من الصيدلية فيزّداد ادماناً .. القرآن يقول شِفاء .. إلتفت حوله فرأى مائدة الافطار أحضرها زميله فيها عسل فلعطه وشرب الماء ثم سقط نائماً .. فلما أفاق في اليوم الثاني وجد العسل .. قال أحضرلي منه كثراً ... فلعطه وشرب الماء ثم عاد فنام .. وبعد ثلاثة أيام أحس بقوةٍ عجيبةٍ تسري في جسمه .. توضىء .. ذهب يصلي لكنه يقول ما أدري أهي ظهر أم مغرب أم عصر أم عشاء .. عقلهُ لا يعرف الأوقات .. .. فأحضر له صاحبه عسل ملكة النحل فشربهُ وخلال أسابيع واذا الحياة تسري به .. حياة القرآن وشفاء العسل ولزوم بيت الله .. والطاعة والصلاة .. واذا به يعود قوياً فَتياً مؤمناً .. محافظ المنطقة أعطاه عشرة فدادين .. زرعها .. فرزقهُ الله بحسن نيته .. وأخذ المال وعاد يبحث .. ما مصير زوجتي وبُنيّتي وولدي .. ظن أنها تزوجت غيره أو طلبت الطلاق .. لكن كما يقول صلى الله عليه وسلم ( فاظفر بذات الدين تربت يداك ) . عاد اليها واذا هي في بيت ابيها صابرة محتسبه .. تنتظر انتصار أيمانه على نفسهِ والهوى .. واذا به يعود اليها ويلتزم ابنته وطفلهُ ويأخذها الى بيته الصغير المتواضع في " الوادي الجميل " .. ويعود يصلي وأياها في اسرةٍ طيبة .. أنجاه الله بالقرآن والايمان والصلاة .. أخوكم : الاثرم التعديل الأخير تم بواسطة AL-ATHRAM ; 05-21-2015 الساعة 11:51 PM |
|
|
|
|
|
#2 |
|
Senior Member
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 388
|
بسم الله الرحمن الرحيم احد الاسباب للوسيلة التي تدمر اكثر المجتمعات وخاصة الاسلامية .. ومن اخطر الوسائل هي الافلام هو خطر ملموس في واقعنا القريب .. إن هذه الافلام فرصة لانتشار المخدرات بين الشباب ، وقد كثر الجدل حول علاقة المسلسلات والافلام المعروضة بانتشار المخدرات في البلاد الاسلامية .. ولكن الرأي الذي يكاد أن يتفق عليه معظم الباحثين هو ان وسائل الاعلام تساعد على انتشار الميول الاجرامية للاشخاص الذي توجد لديهم استعدادات لهذه الميول .. يعني ليس كل من شاهد معناها تحول إلى مدمن مخدرات .. وليست وسائل الاعلام بريئة أيضا .. بل هي في موقع وسط ... فهي تساعد أصحاب الميول الاجرامية على تعاطي المخدرات وترويجها وتهريبها ... وهناك عدة وسائل لتظليل المشاهدين واغرائهم بالمخدرات من هذه الوسائل أن يُعرض الفلم .. تعاطي المخدرات على أنه وسيلة للاثارة الغريزية ... فكثيراً ما ينخدع الناس بدعوة إن تعاطي المخدرات يقوي وينشط الانسان ويحرّك الغريزة لديّه .. فيتعاطها الانسان لهذا الغرض بسبب التظليل الاعلامي .. وقد يكون التظليل عن طريق أن تُعرض هذه المخدرات بصورة تُوحي للمشاهد بأنها مقبوله اجتماعياً وليس هناك ما يدعوا الى الحذر منها .. وفي احصائية في مصر تبين أن اكثر من 60% من مدمني الحشيش يعتقدون انه ليس بمحرّم ولا مكروه ... اكثر من ستون بالمائة ، وهذه النسبة كبيرة جداً ولا شك ان هؤلاء ضحايا لوسائل كثيرة أحدها وسائل الاعلام .. التي قد تصوّر لهم الحشّاشين على أنهم مقبولين اجتماعياً وانهم لم يفعلوا ما يخالف القِيم والاخلاقيات التي يقوم عليها المجتمع . ومن الوسائل التي تُغري مشاهد الافلام بتعاطي المخدرات أن التحذير من المخدرات قد يُعرض بصروه مغرية .. فقد يُعرض فلم .. مثلاً لتحذير الشباب من تعاطي المخدرات لكن هذا الفلم تُعرض من خلاله كيفية صناعة هذه المخدرات .. كيفية تحضيرها أو كيفية تهريبها .. فمن باب الفضول وحب الإستطلاع وحب المغامرة التي توجد عند بعض الشباب ، قد يجرب الشاب نفسه في هذا الميدان ... فيقع ضحية المخدرات وضحية الافلام قبل ذلك ... إن افلام المغامرات شجعت الكثيرين على الاستمرار في تهريب الحشيش وان 32% من افراد ، أُجريت عليهم دراسة يؤكدون أنهم يقلدون بعض المشاهد التي يشاهدونها في الافلام في تعاطيهم المخدرات ... يعني قرابة الثلث من مجرمي المخدرات هم ضحايا الافلام .. وبذلك نعلم أن الحرب على المخدرات يجب أن يصاحبها حرب على الافلام المنحطة الفاسدة التي تُغري الشباب بالانحراف .... وفي دراسة لأحدهم في لبنان وافق 41% على ان التلفزيون يؤدي إلى انتشار الجريمة .. وفي القاهرة تم ضبط أفراد من أحدى البلاد العربية وبحوزتهم مخدرات يريدون أن يروجونها .. وبالتحقيق معهم تبين أنهم قد شاهدوا فلم الباطنية ، وان لقطات الفلم جذبتهم ودعتهم إلى تقليدها في تهريب المخدرات وترويجها ... ألخ ولكم هذه القصة المؤلمة جداً ومن الممكن احد الاخوان قد سمعها .. كما سمعتها ... رجلٌ ابتليّ بالحشيش والمخدرات أعاذنا الله وأياكم ... اسألوا مستشفى ......... في دولة خليجية .. يأتيكم بالخبر اليقين ... شباب في عمر الزهور في المتوسطة وفي الثانوية .. وطلبه وطالبات في الجامعة أدمنوا على المخدرات والحشيش والافيون .. هذا الرجل أدمن .. نسأل الله السلامة والعافية ، وجرت المخدرات في عروقهِ ودمه ... كما قال أحد المتخصصين إن الذي يُدمن يفقد النخوه .. ويفقد الغيرة .. ويصبح ديوثاً ... ديوثاً كالتيس ... هذا الرجل كان يجلس في بيتهِ .. في عرينهِ مع اسرته .. وانتهى الحشيش الذي يملكه ... فجاء صديقه المُمونْ ... قال له أريد منك حشيشاً .. فاستغل المجرم تلك الفرصة ، وقال له ماذا تعطيني ؟ .. قال أعطيك ما تريد .... وفي تلك اللحظه المشئومة دخلت ابنت صاحب المنزل وعمرها سبعُ سنوات ، تحمل عصيراً للضيف المُجرم ... فقال له أريد هذه البنت .. اريد ان ............. الاب قد فقد عقلهُ بسبب هذا الحشيش والمجرم كذلك .. فما كان من الأب إلا ذَوّق ابنته ... وأمام ناظريه قام المجرم ....... بأي ذنب قتلت ؟؟؟؟؟ ... يا أمة محمد .. .. إلى اين ... الفيديو والافلام دمرتنا ... والفضائيات دمرتنا . والخمور والمخدرات ضيعتنا ... ... ليتنا ما وجدنا في هذه الحياة .. الأطفال يبطحون وتفعلوا بهم الجرائم على سبب سيجارة يمصها .. الرجل الكبير يبيع عرضه بسبب حبة حشيش .. الرجل العاقل ( ..... ) امه اذا شرب الخمر واكل الحشيش .. والله انها حياة يُملُ منها ويسأم منها .. فإلى الله نشكو وحسبنا الله ونعم الوكيل .. وانا لله وانا اليه راجعون .. اخوكم / الاثرم |
|
|
|
|
|
#3 |
|
Senior Member
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 388
|
بسم الله الرحمن الرحيم يقول الشاب لم أكن بلغتُ الثلاثين من عمري حين انجبت زوجتي اول أبنائي .. ما زلت أذكر تلك الليه .. كنت سهران مع الشله في احدى الشاليهات ... كانت سهرة حمراء كما يقولون .. اذكر ليلتها اني أضحكتهم كثيراً .. كنتُ أمتلكُ موهبةً عجيبةً في التقليد .. بامكاني تغيير نبرة صوتي حتى تصبح قريباً من الشخص الذي أسخر منه ... أجل .. كنتُ أسخر من هذا وذاك ، لم يسلم أحداً مني حتى شلّتي .. صار بعض أصحابي يتجنبني كي يَسّلمْ من لساني وتعليقاتي اللاذعة تلك ... سخرتُ من رجلٍ أعمى رأيتهُ يتسول في السوق .. والأدهى اني وضعتُ قدمي ليتعثر .. تعثر الاعمى وانطلقت ضحكتي التي دوت في السوق .. عدتُ الى بيتي متأخراً .. وجدتُ زوجتي في انتظاري كانت في حالةٍ يرثى لها .. قالت : أين كنتُ يا راشد ؟ قلتُ في المريخ ساخراً .. بالطبع عند أصحابي .. قالت والعبرةُ تخنقُها .. راشد أنا تَعِبةٌ جداُ الظاهر موعد ولادتي صارت وشيكاً .. سقطت دمعة صامة على جبينها .. احسست أني أهملت زوجتي .. كان المفروض أن أهتم وأقلل من سهراتي وخاصة انها في الشهر التاسع .. قاست زوجتي الآلام يوماً وليلة في المستشفى حتى رأى طفلي النور .. لم أكن في المستشفى ساعتها .. تركتُ رقم هاتف المنزل وخرجت .. وقلت اتصلوا بي حتى تعلموني الخبر .. ففعلوا .. اتصلوا بي ليزفوا ليَّ نبأ قدوم سالم حتى وصلت المستشفى .. طُلِب مني أن أراجع الطبيبة .. أي طبيبة .. المهم الآن أن أرى ابني سالم ... قالوا لي لابد من مراجعة الطبيبة .. أجابتني موظفة الاستقبال بحزم .. صُدمتُ حين عرفت ان ابني به تشوه شديدٌ في عينيه ومعاق في بصره .. تذكرت المتسول الاعمى .. قلتُ سبحان الله كما تدين تُدان .. لم تحزن زوجتي .. كانت مؤمنة بقضاء الله سبحانه وتعالى راضية .. طالما نصحتني .. وطالما طلبت مني أن أكف عن تقليد الآخرين .. .. كلا .. هي لاتسميها تقليداً ، بل غيبه .. معها كل الحق .. لم أكن أهتم بسالم أبداً كثيراُ ، اعتبرته غير موجود في المنزل .. حين يشتدُ بكاؤه أهرب الى الصالة لأنام فيها .. كانت زوجتي تهتم به كثيراً وتحبه .. لحظة .. لا تظنوا اني أكره ، لكني لم استطيع ان أحبه .. أقامت زوجتي احتفالاً حين خطى خطواته الاولى ... وحين أكمل الثانية إكتشفنا أنه أعرج .. كلما زدتُ ابتعاداً عنه زادت زوجتي حباً وتعلقاً بسالم ، حتى بعد أن أنجبت عمراً وخالداً .. .. مرت السنوات وكُنت لاهي .. غرّتني الدنيا وما فيها كنت كاللعبة في يديّ رفقة السوء .. مع إني كنت أضن من يعلب عليهم لم تيأس زوجتي من اصلاحي . كانت دائماً تدعو لي بالهداية .. لم تغضب من تصرفاتي الطائشة .. أو إهمالي لسام واهتمامي بباقي اخوته .. كبر سالم ولم أُمانع حين طلبت زوجتي تسجيله في أحد المدارس الخاصة بالمعاقين .. لم أكن أحس بمرور السنوات ... أيامي سواء .. ليل ونهار .. عمل ونوم .. طعام وسهر .. حتى ذاك اليوم .. كان يوم الجمعة .. اسيقضت الساعة الحادية عشر ظهراً ، مازال الوقت مبكراً .. اقول ... لكن لا يهم أخذت دوشاً سريعاً .. لبست وتعطرت ، وهممت بالخروج .. استوقفني منظره .. منظر سالم .. كان يبكي بحرفة .. انها المرة الأولى التي أرى فيها سالم يبكي منذ كان طفلاً .. أأخرج ؟؟ أم أرى ممكا يشكو سالم ؟؟ قلتُ لا كيف أتركه وهو في هذه الحالة .. أهو الفضول ؟؟ أم الشفقة ؟؟؟ لا يهم ، سألته لماذا تبكي يا سالم ؟ حين سمع صوتي توقف .. بدأ يتحسس ما حولهُ .. .. ما به يا ترى ؟!! اكتشفت ان ابني يهرب مني ! .. الآن أحسست به أين كنت منذ عشرة سنوات ؟؟ تبعته .. كان قد دخل غرفته .. رفض أن يخبرني في البداية سبب بكائه ، وتحت إصراري عرفت السبب .. تأخر عليه شقيقه عمر الذي اعتاد أن يوصله الى المسجد .. اليوم الجمعة .. خاف سالم ألا يجد مكان في الصف الاول .. نادى والدته لكن لا مجيب حينها .. حينها وضعت يديّ على فمه ، كأني أطلب منه أن يكف عن حديثه ، وأكملت حينها ( بكيت يا سالم ) .. لا أعلم من الذي دفعني لكي أقول له .. سالم لا تحزن هل تعلم من سيرافقك اليوم الى المسجد ... أجاب سالم أكيد عمر .. ليتني أعلم إلى أين ذهب قلت لا يا سالم أنا من سيرافقك ... استغرب سالم ! لم يصدق , ظن أني أسخر منه .. عاد الى بكائه مسحت دموعه ُ بيدي .. وأمسكت بيده أردت أن أوصله بالسيارة .. رفض قائلاً : أبي المسجد قريب .. أريد أن أخطو الى المسجد فإني أحتسب كل خطوة اخطوها .. يقول لا أذكر آخر مرة دخلت فيها الى المسجد .. ولا أذكر آخر مرة سجدت لله سجدة .. هي المرة الأولى التي أشعر فيها بالخوف والندم .. على ما فرطت طوال السنوات الماضية ... مع أن المسجد كان مليئاً بالمصلين إلا اني وجدت لسالم مكاناً في الصف الاول .. استمعنا لخطبة الجمعة معاً ، وصليت بجانبه .. بعد انتهاء الصلاة طلب مني سالم مصحفاً .. استغربت كيف سيقرأ ... هو أعمى ؟! هذا ما تردد في نفسي ولم أصرح له خوفاً من جرح مشاعره .. طلب مني أن افتح المصحف على سورة الكهف .. نفذت له ما طلب .. وضع المصحف أمامه وبدأ في قراءة السورة .. .. يالله !!!! أنه يحفظ سورة الكهف كاملة وعن ظهر غيب .. خجلتُ من نفسي .. أمسكت مصحفاً ... أحسست برعشة في أوصالي .. قرأت وقرأت ودعوت الله أن يغفر لي ويهديني هذا المرة ... بكيت ... أنا الذي بكى ... بيكت حزناً وندماً على ما فرطت .. ولم أشعر إلا بيد حنونة تمسح عني دموعي .. لقد كان سالم يمسح دموعي ويهدأ من خاطري ... .. عدنا الى المنزل .. كانت زوجتي قلقة كثيراً على سالم ، لكن قلقها تحول إلى دموع فرح , حين علمت أني صليت الجمعة مع سالم .. منذ ذلك اليوم لم تفتني صلاة الجماعة في المسجد ... هجرت رفقاء السوء ، واصبحت الى رفقة خيرة ... عرفتها في المسجد ، ذقت طعم الايمان . عرفت منهم أشياءً ألهتني عن الدنيا .. لم أُفّوْت حلقة ذكر أو قيام .. ختمت القرآن عدة مرات ، وانا نفس الشخص الذي هجرته سنوات .. رطبت لساني بالذكر لعل الله يغفر لي غيبتي وسُخريتي من الناس .. أحسست أني اكثر قرباً من اسرتي .. أختفت نظرات الخوف والشفقة التي كانت تُطلُ من عيون زوجتي ... الابتسامة ما عادت تفارق وجه ابني سالم من يرى سالم يظنه أنه ملك الدنيا وما فيها .. حمدت الله كثيراً وصليتُ له كثيراً على نعمه .. ذات يوم قررت انا واصحابي أن نتجه الى أحد المناطق البعيدة في برامج دعوية مع مؤسسة خيرية .. ترددت في الذهاب .. استخرت الله واستشرت زوجتي .. توقعت إنها ترفض . لكن حدث العكس ، فرحت كثيراً بل شجعتني ... حين اخبرت سالم عزمي للذهاب أحاط جسمي بذراعيه فرحاً .. والله لو كان طويل القامة مثلي لما توانَ من تقبيل رأسي .. بعدها توكلت على الله وقدمت اجازة مفتوحة بدون مرتب .. والحمدلله جاءت الموافقة بسرعة أسرع مما أتصور ... تغيبت عن البيت ثلاثة أشهر .. وكنتُ خلال تلك الفترة اتصل كلما سمحت لي الفرصة بزوجتي أُحدث أبنائي ... لقد اشتقت لهم كثيراً ، لكني اشتقت أكثر لسالم .. تمنيت سمعا صوته .. هو الوحيد لم يحدثني منذ سافرت .. أما أن يكون في المدرسة أم بالمسجد ساعة اتصالي بهم .. كلما أحدثُ زوجتي أطلب منها أن تبلغه سلامي .. وتقبلهُ .. كانت تضحك حين تسمعني اقول هذا الكلام .. إلا أخر مرة هاتفتها فيها لم اسمع ضحكتها المتوقعة .. تغير صوتها وقالت لي ان شاء الله .. .. أخيراً عدتُ غلى المنزل ... طرقت الباب ، لكن فوجئت بابني خالد الذي لم يتجاوز الرابعة من عمره .. حملتهُ بين ذراعيّه وهو يصحيح ( بابا .. بابا ) انقبض صدري حين دخلتُ البيت .. استعذت بالله من الشيطان الرجيم .. سُعِدتْ زوجتي بقدومي . لكن هناك شيىءٌ قد تغير فيها .. تأملتها جيداً .. انها نظرات الحزن التي ما كانت تفارقها .. عادت ثانية الى عينيها .. سألتها ما بكِ ؟ قالت لا شيىء .. هكذا ردت .. فجأة تذكرت من نسيتتُ للحظات ! .. قلت لها أين سالم خفضت رأسها لم تجب ... لم أسمع حينها سوى صوت ابني خالد الذي ما زال يرنُ في أُذني حتى هذه اللحظة .. قال أبي ان سالم راح عند الله إلى الجنة .. لم تتمالك زوجتي الموقف .. أجهشت بالبكاء .. وخرجت من الغرفة .. عرفتُ بعدها أن سالم أصابته حُماً قبل مجيئي باسبوعين .. أخذته زوجتي الى المستشفى ولازمته يومين .. وبعد ذلك فارقته الحُمم .. حين فارقت روحه الجسد .. أحسست ان ما حدث ابتلاء واختبار من الله سبحانه وتعالى .. أجل أنه اختبار .. وأيّ اختبار ؟.. صبرت على مصابي وحمدت الله الذي لا يحمدُ سواه .. ما زلت أحسُ بيده تمسحُ دموعي وذراعيه تحيطني .. كم حزنت على سالم الاعمى الاعرج .. لم يكن أعمى .. لم يكن أعرج .. انا من كنت اعمى حين انسقت وراء رفقة السوء .. ولم يكن سالم أعرج لأنه استطاع أن يسلك طرق الايمان .. رغم كل شيىء .. اخوكم : الاثرم |
|
|
|
![]() |
|
|
![]() |
![]() |