عرض مشاركة واحدة
قديم 12-10-2021, 08:42 PM   #81
AL-ATHRAM
Senior Member
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 376
افتراضي


Saif

الفصل التاسع
خطية هارون

قال المعترض الغير مؤمن : ورد في الخروج 32:4 أن هرون صوَّر العجل وعَبَده وأمر بني إسرائيل بعبادته

وللرد نقول: افترى المعترض الغير مؤمن على هرون، فقد ورد في خروج 32 أنه لما رأى بنو إسرائيل أن موسى أبطأ في النزول من الجبل اجتمعوا على هرون وألزموه على عمل صنم \يسير أمامهم فقال لهم: انزعوا أقراط الذهب التي في آذانكم وكانت غايته صرفهم عن ذلك، إذ لا شيء أعزّ عند المرأة من حليّها، فكان يظن أن نساءهم يبخلن بحليهن فلا يتحقق هذا الطلب, وكان مقصوده أيضاً اكتساب مُهلة الى أن يرجع موسى، فقد عجز هارون عن مقاومتهم بالقوة ولكن لم يتحقق ظنه، فأخذ الحلي وصوَّرها بالإزميل، فقالوا: هذه آلهتك يا اسرائيل التي أصعدتك من أرض مصر

وقد ذكر القرآن هذه القصة في سورة البقرة والأعراف وطه وغيرها، فقال: لما رأى موسى من هرون خور العزيمة لعنه وجرَّه من شعر رأسه ومن لحيته واعتذر له هرون بأن قال له: إنهم استضعفوني وخفت أن يقتلوني, ومرة قال: أنا خفت على بني إسرائيل من التفريق والتمزيق وصيرورتهم أحزاباً ونكتفي بإيراد بعض الأقوال القرآنية:

1 - ورد في الأعراف 7: 148 - 151 : " واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلًا جسداً له خُوار ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلًا؟ اتخذوه وكانوا ظالمين ولما سقط في أيديهم ورأوا أنهم قد ضلوا قالوا: لئن لم يرحمنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفاً، قال: بئسما خلفتموني من بعدي أعجلتم أمر ربكم؟ وألقى الألواح، وأخذ برأس أخيه يجرُّه اليه قال ابن أمّ، إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني، فلا تشمت بي الأعداء ولا تجعلني مع القوم الظالمين قال: رب اغفر لي ولأخي "

2 - وورد في طه 20:85 -94 : " قال فإنّا قد فتنَّا قومك من بعدك وأضلَّهم السامري فرجع موسى إلى قومه غضبان أسِفاً قال: يا قوم ألم يعدكم ربكم وعداً حسناً؟ أفطال عليكم العهد أم أردتم أن يحل عليكم غضب من ربكم فأخلفتم موعدي؟ قالوا: ما أخلفنا موعدك بملكنا، ولكنا حُمِّلْنا أوزاراً من زينة القوم فقذفناها، فكذلك ألقى السامري فأخرج لهم عجلًا جسداً له خوار، فقالوا: هذا إلهكم وإله موسى فنسي أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولًا ولا يملك لهم ضراً ولا نفعاً ولقد قال لهم هارون من قبل: يا قوم إنما فتنتم به، إن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري، قالوا: لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى قال: يا هرون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ألا تتبعن؟ أفعصيت امري؟ قال: يا ابن أمّ لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي، إني خشيت أن تقول: فرقت بين بني اسرائيل ولم ترقب قولي "


هذه الأقوال تدل على انه لما عاد موسى من الجبل: (1) وبخ هرون بقوله: بئسما خلفتموني من بعدي , (2) كسر موسى الألواح من شدة غيظه, (3) جرَّ أخاه من شعره وشده من لحيته, (4) اعتذر هارون، فقال: إنهم استضعفوني وكادوا يقتلونني , (5) توبيخ موسى لهرون بقوله: إذا لم تتبعني قال ابن عباس: أوقد هرون ناراً وقال اقذفوا ما معكم فيها، وقيل إن هرون مرَّ على السامري وهو يصوغ العجل، فقال له: ما هذا ؟ قال: أصنع ما ينفع ولا يضر، فادْعُ لي فقال هرون: اللهم أعطه ما سألك على ما في نفسه فألقى السامري ما كان معه من تربة حافر فرس جبريل في فم العجل، وقال: كن عجلًا يخور، فكان كذلك بدعوة هرون فذلك قوله فأخرج لهم عجلًا (الرازي في تفسير طه 20:8 , فلماذا الاعتراض على قصة التوراة، وقد أخذ القرآن هذه القصة منها، وأتى بالزيادة والنقصان؟ فإن ذكر السامري جَهْل بالتاريخ والجغرافيا، ولا نعلم من أين أتى هذا السامري! كان الأقرب إلى العقل أن يقول (عوضاً عن السامري) إنه أتى مع بني إسرائيل مصري عمل لهم العجل أبيس معبود قدماء المصريين، فإن الإسرائيليين كانوا في سيناء ولم يكونوا وصلوا إلى أرض كنعان، ولم يكن للسامرة اسم ولا رسم فذكر السامري خطأ ومما يشبه ذلك قوله: تربة حافر فرس جبريل ,

ثم قال إن للعجل خواراً وجسداً، فمثل هذه الأمور تقع على آذان العارف بحقائق التوراة كخرافات، فأقوال التوراة هي الصحيحة، وهي تنزيل الحكيم العليم,

قال المعترض الغير مؤمن : زعموا في حق موسى أنه أمر أن يصنع من ذهبٍ صورة كروبَيْن باسطيْن أجنحتهما إلى فوق، ووجه كل واحد منهما إلى الآخر، ويوضعان فوق غطاء تابوت الشهادة الذي فيه نسخة التوراة، كما في الخروج 37 ، مع أن موسى نهى عن اتخاذ الصور والتماثيل كما في الخروج 20 ,
وللرد نقول:

كان الكروبان من متممات التابوت الذي كان يتجلى الله فيه ويعلن لأنبياء بني اسرائيل أوامره، ويرشدهم إلى ما يجب أن يفعلوه ولا نعرف كيف خفي هذا على المعترض الغير مؤمن ، وهو مذكور في القرآن، وجعله من آيات الله للمؤمنين, فورد في البقرة 246 أنه لما طلب بنو إسرائيل من أحد أنبيائهم (وهو صموئيل) أن يولي عليهم ملكاً ليخرجوا ويقاتلوا أعداءهم، أخبرهم أن الله بعث لهم طالوت ملكاً (شاول) فتذمروا على هذا الملك، فأخبرهم أن الله اصطفاه عليهم وزاده بَسْطة في العلم والجسم، فطلبوا من النبي آيةً على ذلك فقال في البقرة 248: وقال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت، فيه سكينة من ربكم، وبقية مما ترك آل موسى وآل هرون تحمله الملائكة إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين , أما قوله سكينة فصوابه شكينا باللغة العبرية,

السكينة:
ذكر علماء السير والأخبار أن الله أنزل على آدم تابوتاً فيه صورة الأنبياء، وكان التابوت من خشب الشمشاد، طوله ثلاثة أذرع في عرض ذراعين، فكان عند آدم، ثم صار إلى شيت، ثم توارثه أولاد آدم إلى أن بلغ إبراهيم ثم كان في بني إسرائيل إلى أن وصل إلى موسى، فكان يضع فيه التوراة ومتاعًا من متاعه، ثم كان عنده إلى أن مات ثم تداوله أنبياء بني إسرائيل الى وقت اشمويل, (صوابه صموئيل) (الرازي في تفسير البقرة 248),

واختلفوا في تلك السكينة ما هي، فقال علي بن أبي طالب : هي ريح خجوج (أي شديدة المر) هفافة، لها رأسان ووجه كوجه الإنسان , وقال مجاهد: هي شيء يشبه الهرة، له رأس كرأس الهرة وذَنَب كذنب الهرة، وله جناحان وقيل له عينان لهما شعاع، وجناحان من زمرد وزبرجد, وكانوا إذا سمعوا صوته تيقَّنوا النصر، فكانوا إذا خرجوا وضعوا التابوت قدامهم، فإذا سار ساروا، وإذا وقف وقفوا وكانوا إذا حضروا القتال قدموه بين أيديهم يستفتحون به على عدوهم فيُنصَرون, فلما عصوا وأفسدوا سلط الله عليهم العمالقة فغلبوهم على التابوت وأخذوه منهم، وكان السبب في ذلك أنه كان لعيلي (وصوابه عالي) وهو الشيخ الذي ربى اشمويل ابنان, وكان عيلي حبر بني إسرائيل وصاحب قربانهم، فأحدث ابناه في القربان شيئاً لم يكن فيه، وكانا يتشبَّثان بالنساء اللواتي يصلين، فأنذره الله، وسلط العمالقة حتى أخذوا التابوت ووقع عيلي وانكسرت رأسه، إلى أن بعث الله طالوت ملكاً وأخذ التابوت من العمالقة, ولما كان في بيت أصنامهم وقعت الأصنام (تفسير الطبري على البقرة 248),

والمطلع على تاريخ الكتاب المقدس يرى تاريخ بني إسرائيل وملوكهم وأنبيائهم مستوفياً، أما روايات القرآن وروايات أصحاب السير والأخبار الذين لم يطالعوا التوراة فهي في غاية التشويش والخلط، فيأخذون من قصة شيئاً، ثم يأتون بشيء من قصة أخرى لا مناسبة بينها وبين الأولى، بل تكون بعيدة عنها في الزمان والمكان بعداً قاصياً، شأن ناقل القصص التي كانت متواترة على ألسن الناس بدون تثبُّت ولا تروٍّ أو تحرٍّ، ولا سيما أن المعارف لم تكن منتشرة انتشارها في العصر الحاضر, ولكن لا عذر الآن في عدم المعرفة!

فإذا أراد المعترض الغير مؤمن معرفة التابوت، وجب عليه أن يطالع التوراة فيعرف حقيقته وغايته وتاريخه بالحق اليقين, ومع ذلك فالقرآن الذي يتمسك به المعترض الغير مؤمن قد ذكر التابوت وبعض لوازمه، وجعله من الآيات للمؤمنين، وعبَّر عن الكروبَيْن بلفظ السكينة كما يعلم من تعريف علي ومجاهد لها، وهي غير الصور والتماثيل التي نهى الله عن اتخاذها,



AL-ATHRAM غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس