بسم الله الرحمن الرحيم
القرآن منهج الحياة ..
معجزة القرآن تختلف أيضاً عن معجزات الرسل الأخرى .. أنه لا توجد قضية تمس حياة البشر إلا ويوجد في منهج الله سبحانه وتعالى ما يعالج هذه القضية .. نحن نقول يعالج .. لأن التشريعات عندما تأتي تعالج واقعاً موجوداً في المجتمع وفساداً انتشر ..
ومن هنا فإن القرآن قد تعرض لقضايا الكون جميعها وأوجد لها العلاج .. وأوجد لها الشفاء والذي يدعيه البعض أن منهج الله لا يعالج قضايا العصر .. دليل على أنهم لم يدرسوا هذا المنهج .. ولم يتعمقوا فيه .. فما من قضية أساسية في المجتمع إلا وعالجها القرآن الكريم .. ولكن هنا يقع بعضاً للبس ..
فقد يقول بعض الناس : أن القرآن مثلاً لا يعالج قضايا زيادة إنتاج الأرض أو الاختراعات الحديثة إلى آخر هذا الكلام .. والذي يجب أن يعرفه الناس جمعياً أن القرآن هو منهج عبادة .. ولكنه حينما يأتي ليعالج .. لا يعالج الخصوصيات .. وإنما يضع المبدأ ..
فهو حين يطلب منا أن ننقب الأرض ونبحث عن آيات الله .. وأن نتعلم في أمور الدنيا وأن نعمل وننتج .. ونعمر الأرض انما هو يطلب منا لو اتبعناه لاستطعنا أن نصل إلى أكبر تقدم يمكن أن يحققه البشر..
إذن المبدأ موجود في ضرورة البحث في الكون .. ومواصلة البحث والدراسة .. ومن يبحث ويدرس وفي قلبه إيمان بالله . وشعور بعظمة الله وقدرته يستطيع أن يحقق الكثير .. والكثير جداً ..
المبدأ هو أن نزرع ونعمر ونكشف عن آيات الله فيها .. فإذا تقاعسنا عن هذا كله .. وإذا لم نفعل ذلك فلا يمكن أن نستغرب .. أو أن نتعجب لأن غيرنا من الأمم قد تقدم علينا .. فنحن تركنا منهج الله في العمل .. فلا بد أن يتركنا قانون الله في النتيجة .. وهذا هو جمال الله في الحياة . فلا يمكن أبداً أن يكون هناك جمال في الحياة ..
إذا كان هناك الطالب المتعلم .. والطالب الذي لا يقرا كتاباً في حياته كلاهما ينجح .. ولا يمكن أن يكون هناك جمال في الحياة إذا كان الإنسان الذي يحرث الأرض ويعتني بها ويسقيها ويعالجها من الآفات .. والإنسان الذي يترك الأرض ولا يعمل فيها شيئاً بل يهملها تماماً .. كلاهما يجني نفس المحصول ..
إذا حدث هذا فإن الجمال في الحياة نختفي ويصبح كل شيء قبيحاً فلا تجد طالباً ينبغ ولا عالماً يخترع .. ولا إنساناً يضيف إلى الحياة شيئاً .. ولا مدينة تبني ما دام من يعمل ومن لا يعمل سيحصلان على نفس النتيجة .. ويحققان نفس الشيء .. ولكن الجمال في الحياة في تناسب النتيجة مع العمل .. وعن هذا يتحدث القرآن في الدنيا والآخرة ..
وبذلك نكون قد عددنا أوجه الخلاف في معجزة القرآن عن معجزات الرسل الأخرى .. فالقرآن عطاء لكل جيل يختلف عن عطائه للجيل السابق .. والقرآن للعالمين .. أي للدنيا كلها .. وليس لقوم محددين والقرآن يحوي الحقائق الأساسية في الكون كله .. ويأتي بها واضحة في الفاظ تنسجم مع قدرة العقول التي عاشت وقت نزول القرآن .. وقدرة العقول في كل جيل بعد ذلك .. فالقرآن يعطي لكل عقل حجمه ..
ومعجزة القرآن تختلف أيضاً في أن الله يحفظ كتابه .. أما معجزات الرسل السابقة .. فقد كلف الله البشر بحفظها فحرفوها ونسوا ما ذكروا به .. واضافوا اليها .. ولكن الله سبحانه وتعالى حفظ القرآن من أن يحدث فيه أي تبديل أو تغيير .. كما أن القرآن كلام الله الذي بدأه مع آدم .. والذي هو أساس العلم البشري كله ..
ولكن القرآن جاء يتحدى العرب في اللغة ..وفي البلاغة ..وذلك ما سنتحدث عنه فيما بعد ...
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
|