01-31-2020, 09:01 PM
|
#3
|
Senior Member
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 376
|
بسم الله الرحمن الرحيم
حديث عن أسفار العهد الجديد
قانونية الأناجيل
1ـ إن المسيحيين الأوائل لم يكونوا يعتقدون أن كتبهم المقدسة تكوّن عهداً جديداً يتميز عن العهد القديم .. وعندما ظهرت أولى الكتابات المسيحية .. فقد كان ينظر إليها جميعاً باعتبارها اضافات أو ملحق لما في أسفار الناموس والانبياء .. كانت تقرأ اسبوعياً في المعبد اليهودي والكنيسة المسيحية .. إن العهد الجديد كتاب غير متجانس .. ذلك أنه شتات مجمّع .. فهو لا يمثل وجهة نظر واحدة تسوده من أوله إلى آخره لكنه في الواقع يمثل وجهات نظر مختلفة (فريدريك جرانت ص 12 , 17)
2 - وفي فترة المائة والخمسين عاماً الأخيرة تحقق العلماء أن الأناجيل الثلاثة الأولى تختلف عن إنجيل يوحنا أسلوباً ومضموناً .. إن إنجيل يوحنا يختلف اختلافاً بيناً عن الثلاثة المتشابهة (متى ومرقس ولوقا) فهو لا يذكر أي شيء عن رواية الميلاد .. وبالنسبة للروايات التي تحكي نشاط يسوع الجماهيري فإنه توجد اختلافات في الزمان والمكان إذا قورنت بنظيرتها الأناجيل المتشابهة .. وان التاريخ المضبوط الذي تحددت فيه قانونية أسفار العهد الجديد غير مؤكد (جنتر لانسزكوفسكي ص 32-36) ..
3 ـ إن هناك مشكلة هامة وصعبة تنجم عن التناقض الذي يظهر في نواح كثيرة بين الإنجيل الرابع والثلاثة المتشابهة .. إن الاختلاف بينهم عظيم لدرجة أنه لو قبلت الأناجيل المتشابهة باعتبارها صحيحة وموثوقاً بها فإن ما يترتب على ذلك هو عدم صحة إنجيل يوحنا .. (دائرة المعارف الأمريكية : ج 13 - ص 73)
4 – " ليس لدينا أية معرفة مؤكدة بالنسبة للكيفية التي تشكلت بموجبها قانونية الأناجيل الأربعة .. ولا بالمكان الذي تقرر فيه ذلك ..
تحريف الأناجيل :
وبالنسبة لموضوع التحريف وإدخال كلمات في النص أو استخراجها منه نقرأ الآتي :
أما موقف الأناجيل فعلى العكس من رسائل بولس .. إذ ان التغييرات الهامة قد حدثت عن قصد .. مثل إدخال أو إضافة فقرات بأكملها .. " (دائرة المعارف البريطانية : ج 2 - ص 519-521) ..
5- إن نصوص جميع هذه المخطوطات (للعهد الجديد) تختلف اختلافاً كبيراً ولا يمكننا الاعتقاد بأن أياً منها قد نجا من الخطأ .. ومهما كان الناسخ حي الضمير فإنه ارتكب أخطاء .. وهذه الأخطاء بقيت في كل النسخ التي نقلت عن نسخته الأصلية .. إن أغلب النسخ الموجودة من جميع الأحجام قد تعرضت لتغييرات أخرى على أيدي المصححين الذين لم يكن عملهم دائماً إعادة القراءة الصحيحة . ( جورج كيرد : ص 32)
*** ونذهب الآن لدراسة الصورة العامة للأناجيل وهذا الذي أقوله لا يزال قول علماء المسيحية :
*** إن القول بأن متى ولوقا استخدما إنجيل مرقس أصبح على وجه العموم مسلماً به .. ولكن بجانب إنجيل مرقس فلا بد أنهما استخدما وثيقة أخرى يشار إليها الآن بالحرف q والذي يرمز إلى كلمة المصدر .. كما استخرجت من الكلمة الألمانية التي تعطي هذا المعنى (دائرة المعارف البريطانية ج 2 -ص 523) ..
1- إنجيل مرقس :
1- يقول بابياس (حوالي عام 135 م) : " في الواقع ان مرقس الذي كان ترجماناً لبطرس قد كتب بالقدر الكافي من الدقة التي سمحت بها ذاكرته ما قيل عن أعمال يسوع وأقواله ولكن دون مراعاة للنظام "
( ونلاحظ أن مرقس هذا هو كاتب أقدم الأناجيل الذي اعتمد عليه كل من متى ولوقا ) ولقد حدث ذلك لأن مرقس لم يكن قد سمع يسوع ولا كان تابعاً شخصياً له .. لكنه في مرحلة متأخرة كما قلت أنا ( بابياس ) من قبل قد تبع بطرس .. ويتفق مع قول بابياس هذا ما اقتبسه أيـرنيوس في قوله :
"بعد موت بطرس وبولس فإن مرقس تلميذ بطرس وترجمانه سلم إلينا كتابة ما صرح به بطرس " ( فريدريك جرانت : ص 73، 74)
2- لم يوجد أحد بهذا الاسم (مرقس) عرف أنه كان على صلة وثيقة وعلاقة خاصة ( بيسوع ) أو كانت له شهرة خاصة في الكنيسة الأولى .. ومن غير المؤكد صحة القول المأثور الذي يحدد مرقس كاتب الإنجيل بأنه يوحنا مرقس المذكور في ( أعمال الرسل 12: 12, 25 ) .. أو أنه مرقس المذكور في رسالة بطرس الأولى (5:13) أو أنه مرقس المذكور في رسائل بولس : كولوسي (10:4) 2 تيموثاوس (4: 11) , فليمون 24 ..
لقد كان من عادة الكنيسة الأولى أن تفترض أن جميع الأحداث التي ترتبط باسم فرد ورد ذكره في العهد الجديد إنما ترجع جميعها له لشخص واحد له هذا الاسم .. ولكن عندما نتذكر أن اسم مرقس كان أكثر الأسماء اللاتينية شيوعاً في الإمبراطورية الرومانية فعندئذ نتحقق من مقدار الشك في تحديد الشخصية في هذه الحالة " (دنيس نينهام : ص 39 )
3- بالنسبة لتاريخ كتابة هذا الإنجيل :
" فإنه غالباً ما يحدد في الجزء المبكر من الفترة (65- 75) .. وغالباً في عام 65 م أو عام 66 م .. ويعتقد كثير من العلماء أن ما كتبه مرقس في ( الإصحاح 13 ) .. قد سطر بعد عام 70م ) وأما عن مكان الكتابة : " فإن المأثورات المسيحية الأولى لا تسعفنا .. إن كليمنت السكندري وأوريجين يقولان روما بينما يقول آخرون مصر .. وفي غياب أي تحديد واضح تمدنا به هذه المأثورات لمعرفة مكان الكتابة فقد بحث العلماء داخل الإنجيل نفسه عما يمكن أن يمدنا به .. وعلى هذا الأساس طرحت بعض الأماكن المقترحة مثل أنطاكية .. لكن روما كانت هي الأكثر قبولا (دنيس نينهام : ص 42 ) ومن ذلك يتضح أن أحداً لا يعرف بالضبط من هو مرقس كاتب الإنجيل .. كذلك فإن أحداً لا يعرف بالضبط من أين جاء هذا الإنجيل ..
مشاكل إنجيل مرقس :
إن من مشاكل إنجيل مرقس : اختلاف النسخ على مر السنين .. ولقد أدى ذلك إلى قول علماء المسيحية إنه قد " زحفت تغييرات تعذر اجتنابها .. وهذه حدثت بقصد أو بدون قصد .. ومن بين مئات المخطوطات – أي النسخ التي عملت باليد – لإنجيل مرقس والتي عاشت إلى الآن فإننا لا نجد أي نسختين تفقان تماما "
كذلك من مشاكل إنجيل مرقس خاتمة هذا الإنجيل .. ذلك ان الاعداد من 9 إلى 20 .. ( التي تتحدث عن ظهور المسيح ودعوته التلاميذ لتبشير العالم بالآب والابن والروح القدس ) .. هذه تعتبر إلحاقية أي أنها أضيفت فيما بعد بحوالي 110 من السنين .. لم تظهر لأول مرة إلا حوالي سنة 180م ..
2 - إنجيل متى
ولا يزال من الواضح أن كلا من بولس الهلليني ومتى المبشر اليهودي له وجهة نظر تخالف الآخر تماماً فيما يتعلق بأعمال يسوع وتعاليمه " ( فريدريك جرانتفريدريك جرانت ص 141 )
وأما بالنسبة لتاريخ كتابة هذا الإنجيل فيمكن القول بأنه كتب في حوالي الفترة من 85 إلى 105م .. وعلى أية حال فيمكن القول بأنه كتب في الربع الأخير من القرن الأول أو في السنوات الأولى من القرن الثاني)" ( جون فتون ص 11 ) ..
وفيما يتعلق بمكان تأليفه : فإن شواهد قوية تشير إلى أنطاكية ولما كان من الصعب ربط الإنجيل بمدينة محددة فمن المناسب أن نقول أنه يأتي من مكان ما في المنطقة المحيطة بها أو أي مكان ما يقع شمال فلسطين " ( فريدريك جرانت : ص 140م ) ..
مشاكل إنجيل متى :
1- توقع نهاية العالم سريعاً :
ولو أن هذه الفكرة قد سيطرت على تفكير مؤلفي أسفار العهد الجديد .. إلا أن "متى" كان أكثرهم حرصا على تأكيد ذلك .. فهو قد توقع ان تأتي نهاية العالم في أيام المسيح : قبل أن يكون رسله قد أكملوا التبشير في مدن إسرائيل (10: 23 ) .. وقبل ان يدرك الموت بعض معاصري المسيح والذين استمعوا إلى تعاليمه ( 16: 28 ) وقبل ان يكون ذلك الجيل الذي عاصر المسيح وتلاميذه قد فني (24: 34 ) ..
ومن الواضح كما يقول جون فنتون في ص 21 " أن شيئاً من هذا لم يحدث كما توقعه "متى" ..
2 - ثم تأتي خاتمة الإنجيل التي يشك فيها العلماء ويعتبرونها دخيلة .. فهي تنسب للمسيح قوله لتلاميذه : و اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الأب والابن والروح القدس ( 28: 19 ) ..
ويرجع هذا الشك ـ كما يقول " ادولف هرنك " - وهو من أكبر من علماء التاريخ الكنسي .. إلى الآتي :
أ- لم يرد إلا في الأطوار المتأخرة من التعاليم المسيحية ما يتكلم عن المسيح وهو يلقي مواعظ ويعطي تعليمات بعد أن أقيم من الأموات .. وأن بولس لا يعلم شيئاً عن هذا .
ب ـ " إن صيغة التثليث هذه غريب ذكرها على لسان المسيح .. ولم يكن لها نفوذ في عصر الرسل .. وهو الشيء الذي كانت تبقى جديرة به .. لو أنها صدرت عن المسيح شخصياً ( ادولف هرنك : ج 1 - ص 79) ..
3 - إنجيل لوقا:
يبدأ بمقدمة ألقت كثيراً من الضوء على ما كان يحدث في صدر المسيحية .. وخاصة فيما يتعلق بتأليف الأناجيل فهو يقول :
"وإذ كان كثيرون قد أخذوا بتأليف قصة في الأمور المتيقنة عندنا كما سلمها إلينا الذين كانوا منذ البدء معاينين وخدماً للكلمة رأيت أنا أيضاً إذ قد تتبعت كل شيء من الأول بتدقيق أن أكتب على التوالي إليك أيها العزيز ثاوفيلس لتعرف صحة الكلام الذي علمت به " ( 1: 1-4)
**ومن هذه المقدمة يتضح جملة أمور لا بد التسليم بها :
1- أن لوقا يكتب رسالة شخصية إلى ثاوفيلس .. وأن هذه الرسالة تكتب على التوالي حسبما تتوفر لها إمكانيات الكتابة من وقت ومعلومات .
2 - وأن هذا العمل قام به لوقا بدافع شخصي بحت بغية أن تصل المعلومات التي علم بها إلى صديقه .. ** ولم يدع الرجل في رسالته أنه كتبها بإلهام أو مسوقاً من الروح القدس .. ***بل إنه يقرر صراحة أن معلوماته جاءت نتيجة لاجتهاده الشخصي لأنه تتبع كل شيء من الأول بتدقيق ..
3 ـ كذلك يقرر لوقا أن كثيرين قد أخذوا{{ في تأليف أناجيل }} ..
4- وأخيراً يعترف لوقا {{ بأنه لم ير المسيح ولم يكن من تلاميذه }}.. لكنه كتب رسالته بناء على المعلومات التي تسلمها من الذين عاينوا المسيح وكانوا في خدمته .. ومن المعلوم أن سفر أعمال الرسل - وهو أطول أسفار العهد الجديد هو الجزء الثاني من رسالة لوقا إلى ثاوفيلس ..
ولقد حاول العلماء معرفة ثاوفيلس هذا .. لكن جهودهم لم تصل إلى نتيجة محددة ..
يقول فريدريك جرانت :
" لم نخطر بمن يكون ثاوفيلس هذا قد يمكن افتراضه موظفاً رومانياً .. كذلك لم نخطر بمن أولئك الكثيرين أخذوا في تأليف قصص مماثلة .. ورغم أن الموضوع لا يتعدى مجرد احتمالات غير مؤكدة فليس من المتعذر ان يكون مؤلف إنجيل لوقا قد جمع مادته في فلسطين أو سوريا مبكراً في 70 ـ 80م .. ثم ربطه بالجزء الأكبر من إنجيل مرقس في وقت ما من السبعينات ثم أصدر إنجيله حوالي عام 80 أو 85م .. وبعد ذلك بحوالي خمس سنوات فإنه ذيل كتابه الأصلي برسالة ثانية نعرفها الآن باسم أعمال الرسل ثم نشر مصنفه في حوالي عام 95م ". ( فريدريك جرانت ص 121 , 127, 128) ..
ومن أقوال العلماء في كتابات لوقا :
إن سفر أعمال الرسل يوجد به كثير من النقاط التي تتعارض تعارضاً تاماً مع التعاليم المذكورة في رسائل بولس .. ومن غير المعقول إذن أن تكون هذه قد سطرها شخص له معرفة مباشرة ببولس ورحلاته التبشيرية ومن النادر ذكر لوقا كشخصية بارزة في سجلات التاريخ للقرن الأول من المسيحية ( جورج كيرد ص 15,16,17) ..
مشاكل إنجيل لوقا :
1- يعاني نص إنجيل لوقا من التغييرات التى تعاني منها الكتب الأخرى للعهد الجديد .. إلا أن النص الغربي للإنجيل وسفر أعمال الرسل يعاني من اختلافات مثيرة بالإضافة أو الحذف ( جورج كيرد ص 32, 33 ) ..
2- " ثم هناك المشكلة الحادة التي نتجت عن اختلاف نسب المسيح كما ذكره لوقا عما جاء في نطيره في إنجيل متى .. وفي أسفار العهد القديم "..
وهذه واحدة من مشاكل الأناجيل التي سوف نبحثها فيما بعد ..
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
|
|
|